من الآخر كان له بعد ذلك أن يبيع ذلك الطعام على ما اشتراه له قبل أن يقبضه قبضًا ثانيًا حسيًا وكذلك الوصي في يتيميه، والأب فيما بينه وبين ابنه الصغير، وفي النفس شئ من جواز هذه المسألة لا سيما والصحيح في المذهب أن النهي عن بيع الطعام قبل قبضه متعبد به، وأصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيها والأقرب منعها.
قُلتُ: ما ذكره ابن الحاجب سبقه به ابن شاس وما ذكراه هو ظاهر سلمها الثالث فيه، لمالك إن اشتريت طعامًا فاكتلته لنفسك ورجل واقف على غير موعد؛ فلا بأس أن تبيعه منه على كيلك أو على تصديقك في كيله إن لم يكن حاضرًا أو لم يكن بينكما في ذلك موعد.
فقوله: لا بأس أن تبيعه منه على كيلك يريد به: أن كيلك السابق لشرائك إياه يكفي في بيعك إياه مشتريه منك عن كيله ثانيًا، فيجوز له بيعه بذلك دون كيله إياه بحضوره وعلمه لا بيان كفايته في شرائه لوضوح بيان ذلك، وامتناع السؤال عنه، والاتفاق عليه وهو دليل على أن علم مبتاع طعام كيله بحضوره إياه ودوام علمه ذلك بعد شرائه إياه يتنزل منزلة كيله إياه بعد شرائه، فيلزم مثله في مسألتي الأب والوضي، ضرورة علمهما ذلك بحضورهما فقوله في النفس من ذلك شيء ليس كذلك لوضوح جريه على نصها، ولكنه مع ذلك مختلف فيه ولا يوجب ذلك فيه إشكالاً كأغلب مسائل المدَوَنة.
قال الصقلي: إثر لفظها المدَوَّنة.
ثم قال محمد: وروي أيضًا: أنه لا يأخذه بحضوره كيله ولا تصديقه فيه، وكرهه، وأجازه ابن القاسم في غير الموعد وقوله: أصول المذهب تدل على جريان الخلاف فيه حسن إلا أنه لم يبينها، وهذا فيما بين الولدين الصغيرين، واليتيمين.
وأما قوله: والأب فيما بينه وبين ولده الصغير ففيه نظر لقولها في الرهن: ليس للوضي أخذ عروض اليتيم بما أسلفه رهنًا إلا أن يكون تسلف له مالاً من غيره ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء؛ لأنه حائز لنفسه من نفسه.
في أحكام عبد الحق: أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من أقال