السلم يشتري به طعامًا جاز؛ لأنه إقالة لا يدل على جوازها بغير لفظها؛ لأنها هنا غير مقصودة إنما رأى أن فعلهما لا تهمة فيه لقدرتهما على فسخ السلم برد رأس ماله.
وقال أبو حفص: لا تجوز المسألة على قول ابن القاسم إلا على وجه الإقالة كقوله: أعطني طعامًا فيقول له: إنما يسوى الطعام مثل رأس مالك، فإن شئت أن تأخذه وإن شئت أن تشتري به طعامًا فأنت تجد، وإن شئت مسكته فيأخذه على المناجزة على أن لا طلب بينهما فذلك جائز وهي إقالة وإن أخذه على أن يشتري به ففعل، وقامت به بينة لم يجز؛ لأنه اشتراه ليقبضه بعد شرائه فهي كمن واعد غريمه على طعام يشتريه ثم يقبضه فهو غير جائز.
قلت: ظاهر كلام ابن محرز إنه حملها على غير معنى الإقالة بل على الوكالة السالمة من الفساد لنفي التهمة عنهما لقدرتهما على تحصيل مقصودهما بالإقالة وتبعه المازري. وظاهر قول أبي حفص عكس ذلك وعليها لو فلس دافع رأس المال قبل الشراء به قول ابن محرز لا يكون قابضه أحق به وعلى قول أبي حفص، يكون أحق به، وذكر طرو تفليسه في تعليقة أبي عمران وقال: يحيى الشَّيخ إلى أنه لا يكون أحق به من الغرماء وشبهه بمن وضع دنانير على يدي عدل ليشتري بها طعامًا لرب السلم فإنه لا يكون أحق بها إلا أن يشترط أن صاحبها لا يأخذها ممن هو على يديه حتى يصل لذي الطعام طعامه.
قُلتُ: لم أقف على نص القول بجوازها بلفظ البيع، وفي رسم: إن أمكنتني من سماع عيسى من السلم والآجال من أخذ عشرة دنانير سلمًا في طعام فلما حل قال لمن هو له: بعني طعامًا أقضيكه فباعه بعشرة نقده إياها؛ فلا بأس به؛ لأنها إقالة.
قُلتُ: فقد صرح بأنها إقالة بأن العبارة عنها إنما وقعت بلفظ البيع فيقوم منه جوازها بلفظ البيع، وهو المناسب لقولها: إنما ينظر مالك على أفعالهما لا إلى أقوالهما.
والإقالة من بعض الطعام قبل الغيبة على رأس ماله أو ثمنه مطلقًا أو بعدها وهو غير مثلي جائزة، في ثاني سلمها: إن كان رأس المال عينًا أو ما لا يعرف بعينه فإن لم يفترقا جاز أن تقليه من بعض وتترك بقية السلم لأجله، فأما بعد التفرق فلا يأخذ منه إلا ما أسلمت فيه أو رأس مالك، وإن كان رأس مالك عروضًا تعرف بعينها أسلمتها