فوضعه دينارًا فقام الاثنان ليردا، قال: ذلك لهما إلا أن يجعل دينار الوضيعة بينهم أثلاثًا وسوغ له كل الربح.
ابن رشد: لا يستقيم قوله هذا؛ لأن من وضعت له الوضيعة، وهو الخارج عنهما إن كان هو ولي صفقة شراء السلعة وحده لزمه كون الوضيعة بينهم أثلاثًا جبرًا فقوله: لشريكه رد البيع إلا أن يجعل الدينار بينهم أثلاثًا لا يصح؛ لأن من أشرك في سلعة ثم وضع من الثمن لزمه كون الوضيعة بينهما جبرًا سواء بقي حظه بيده أو خرج عنه ببيع أو غيره ليس له أن يقو لمن أشركه: لا أضع عنك شيئًا إن شئت أن ترد رددت، إنما له ذلك في بيع المرابحة؛ لأنها مكايسة، والشركة معروف هذا قوله في المدونة.
وقال التونسي: القياس أن الشركة كالمرابحة فيكون مخيرًا، وعليه يأتي قول أشهب هذا وإن كان من وضع له الدينار من الشركاء الثلاثة، ليس من ولي شراءها بل كان شراؤهم صفقة واحدة، فالدينار الوضيعة له وحده على مذهب مالك وأصحابه خلاف قول الفقهاء السبعة، حسبما تقدم في سماع ابن القاسم: ولو باع أحد الشركاء في السلعة حظه من شريكه بربح دينار مرابحة على على وجه المقاومة لوجب إن كان هو الذي ولي شراء السلعة أن يرد على شريكيه ثلثي الدينار جبرًا ويخير في الثلث الذي ناب حظه الذي باع مرابحة، بين أن يطحه عنهما، قيل وما ينوبه من الربح، وقيل دون ما ينوبه من الربح فيلزمهما البيع أو لا يحط ذلك عنهما فيكون لهما رد البيع وكذا إن لم يكن هو الذي ولي الصفقة على مذهب الفقهاء السبعة وعلى قول مالك وأصحابه يكون له ثلث الدينار، ولا يلزمه أن يرد عليهما، ويكون مخيرًا في الثلث الذي ناب حظه الذي باعه منهما مرابحة.
قلت: ما نقله اللخمي عن الأخوين هو سماع ابن القاسم في القوم يشترون السلعة فيضع البائع لأحدهم إن كان هو الذي ولي الصفقة فما وضع له بينهم.
ابن رشد: لا خلاف أن الذي وضع له إن كان هو الذي ولي الصفقة أن ذلك بينهم، ولما قال في القوم: يجتمعون يشترون السلعة فيضع البائع لرجل منهم إن كان الذي ولي الصفقة، فما وضع له فهو بينهم، دل على أن ما وضع لأحدهم إذا اجتمعوا في شرائها للذي وضع له وحده دون شركائه.