الثاني: فهمه قول الشَّيخين على ذلك وهذا؛ لأنهما إنما قالا ذلك في مسئلتي الأرض ... لخاصية فيهما وهي اشتمالهما على لفظ دالٍ على اشتراط المبتاع الثمرة؛ لأن مسألة ابن الفخار هي من باع جميع ما حوته أملاكه من الأرض والشجر، ولفظ جميع ما كالنص على دخول الثمرة فهو عنده مما اشترطه المبتاع فيكون له بنص الحديث. وكذا صورة مسألة الدار التي أتى بها ابن عتاب لقوله: ونزلت هذه المسألة وهذا نص بأنها نزلت بلفظ مسألة ابن الفخار ولو كانتا عريتين عن هذا اللفظ الدال على اشتراط الثمرة بعمومه لم يلق بمنصبيهما الفتوى بدخول الثمرة لنص الحديث بخلاف ذلك. وذكر المسألة في مختصر ابن الجلاب بنقيض فتواهما في الجلاب ما نصه: من اشترى أرضًا فيها شجر مثمر فما كان من ثمرها عقد فهو للبائع وما كان وردًا فهو للمبتاع.
وذكر ابن سهل وغيره عن ابن عتاب في القضية أنه قال: لما ذكر فتوى ابن الفخار، ولم يذكر هل جوابه عن رواية ولم يسأل عن ذلك وكان لا يجترأ عليه بالسؤال، وفيه عندي نظر؛ لأن المفتي يسأل عن مستند فتواه أو يرد سؤاله عن ذلك إذا كان مستنده تخريجًا يفتقر فيه لتأمل باعتبار حفظ أصله أو استنباط علته، أما إذا كان استناده إلى ظاهر الرواية المعلومة المشهورة فلا يسأله عنه لبيب.
ومستند فتوى ابن الفخار المذكورة إنما هو الأخذ بصريح المذهب في وجوب الثمرة المأبورة للمشتري باشتراطه، ودليل اشتراطه في النازلتين واضح لمن نظر وأنصف، وذكر استدلال الشُيُوخ بظواهر الروايات الجارية على الأصول، فتأمله.
ابن سهل: أجاب ابن القطان، فيمن باع جميع أملاكه بقرية كذا، وقال: في كتاب الابتياع في الدور والدمن والأفنية والزيتون، والكروم ولم يزد على هذا، وللبائع في القرية أرحى لم تذكر في الوثيقة فقال المبتاع: هي لي، وقال البائع: إنما بعت ملكي فيما نصصت في الوثيقة فإن الأرحى للمبتاع وكل ما بالقرية من العقار.