المازري: لم يختلف فيه أصحاب مالك، وخرج فيه شيخنا عبد الحميد، خلافًا من قولها: من صبغ لرجل ثوبًا أسود وقال: به أمرني ربه، وقال ربه إنما أمرتك بصبغه أحمر، القول قول الصباغ، وفي تخريجه نظر؛ لأن الصباغ بدفع الثوب إليه مؤتمن عليه والمتبايعان لا ائتمان أحدهما من الآخر بل كل منهما مدع على صاحبه، قال: ونقل أبو الفرج عن ابن الماجِشُون: إن قال: أسلمت إليك في قمح، وقال الآخر بل في شعير لا يتحالفان؛ لأنهما اتفقا على جنس واحد يقتضي عدم مخالفته ملكًا فيما هما جنسان، وقول عبد الملك بناء منه على ملزومية كونهما جنسًا في الربا كونهما جنسًا في غيره، وذلك غير صحيح؛ لأن علة الربا غير علة التداعي؛ علة الربا تقارب المنافع، وعلة التخالف عدم إقرار أحدهما بما قال الآخر.
ابن زرقون: لا خلاف في المذهب في ذلك إلا ما حكاه ابن حبيب وغيره عن ابن القاسم في الكراء أن القول قول الساكن إن أشبه، والذهب والدراهم نوعان كالقمح والشعير، وكذلك الرواية حكاه ابن سهل في باب ذكر الخلطة من أحكامه.
المازري: نقل محمد عن أشهب إن اختلفا في القدر أو الجنس، وعرف كذب أجدهما وصدق الآخر قبل قوله يدل على رعي الشبهة مع القيام، وهو مقتضي المذهب ببادئ الرأي كالعرف في تداعي الزوجين في متاع البيت والقمط في تداعي الحائط ورده بأن هذا فيما لم يعلم فيه تقدم تعيين مالكه والمبيع متقدم تعيين مالكه، وهو بائعه.
قلتُ: فرعي الشبه في الاختلاف في الجنس مخصص عموم الاتفاق على التحالف فيه.
اللخمي: اختلافهما في الجودة كاختلافهما في الكيل، وإن قال: أسلمت إليك في فرس صفته كيت، وقال الآخر دونها فكاختلافهما في الكيل، فإن قال أحدهما: ذكر وقال الآخر: أنثى تحالفا؛ لأن كل واحد منهما يراد لما لا يراد إليه الآخر، ولو اختلفا بذلك في البغال كان كاختلافهما في الجودة؛ لأن الأنثى لا تراد للنسل وتبعه المازري.
اللخمي: أرى إن قال: المسلم: عشرة أقفزة قمحًا، والمسلم إليه: عشرين شعيرًا، وثمن القدرين واحد، أن لا يحلفا ويشتري بثمن الشعير قمح.