قُلتُ: ظاهر المسألة خلاف نقل ابن رُشْد عن المذهب، إن العقد على تعيين العامل وعدم تعيين المعمول منه أنه غير جائز ووفاق لنقل ابن بشير.
الصقلي: قول الغير خلاف لان القاسم؛ لأن ابن القاسم يجيز ذلك في عمل رجل بعينه؛ لأنه يشرع في العمل كإجازاته على خدمته سنة؛ ولذا قال في الحمالة: إن دفعت لخياطٍ ثوبًا على أن يخيطه بنفسه جاز.
وقال بعض القرويين: إنما يصح قول ابن القاسم على أن يكون الأجير صاحب صنعة عمل الآجر والجص فيصير تأخير النقد جائزًا كالشراء من الجزار والخباز كل يوم خبزًا ولحمًا، والثمن مؤخر فعلى هذا يجوز قدم النقد أو أخره، ويشرع في العمل أو يكون المأخوذ منه من الجص والآخر شيئًا شيئًا يطول أخذ جملته حتى يكون المعجل منه يسيرًا في جنب ما يأخذ منه لا قدر المعجل منه لكثرته فيجوز لأنه قد تأخر كله لمثل أجل السلم. وإنما قلنا ذلك؛ لأنه في عمل رجل بعينه والآجر والجص في ذمته مضمونًا، والمضمون يجب تأخيره لأجل السلم، ويكون جميع ما ينوب ذلك وما ينوب إجارته نقدًا لأنه لو تأخر من ذلك شيء كان قد تأخر منه قدر مما ينوب الآجر والجص ولا يقدر أن يخص ما ينقده بهما وإن نقد الجميع لأجل منابهما مع وجوب تأخر اقتضائهما لأجل السلم لزم تأخير عمل الأجير لذلك مع انتقاد إجارته وذلك لا يجوز.
قُلتُ: بعض القرويين هو التونسي، وهذا المعنى هو الذي أشار إليه ابن رُشْد بتعليل المنع بالتناقض والتعقب عليه بإطلاقه المنع فيه دون تفصيل الحال في المسلم إليه. ولما ذكر المتيطي قول الغير في المدَوَّنة قال: ونحوه لعبد الملك في الثمانية.
قال ابن أبي زَمَنَيْن: هذه المسألة لا تحتمل النظر وجوازها استحسان، كذلك قال سَحنون، وإن وقع العقد بتسمية الثمن دون شرط نقده ولا تأخيره نقد منه ما قابل الآلة، وكلما عمل شيئًا دفع له بقدره.
قُلتُ: هذا خلاف قول التونسي لا يقدر أن يخص ما ينقده بالآلة ففي جواز السلم في سلم معين صانعه دون مادته ومنعه ثالثها: إن كان المسلم إليه من أهل حرفة صنعته أو قل ما يعجل منه لضرورة الشروع في العمل قبل مضي أقل مدة أجل السلم بالنسبة للباقي من المادة، ورابعها: إن نقد منابها لظاهرها مع حملها عليه.