المذكورة هي سلم على أن يدفعه من ماله بقرية كذا، وهذا يمنع كونه كبيع دين؛ لأن طلبه إنما هو من بائعه لا من غيره، والدين المبيع إنما يطلب به غير بائعه، ويمتنع كونه كبيع سلعة غائبة؛ لأن السلعة الغائبة يمتنع السلم فيها لامتناعه في المعينات اتفاقًا حسبما قاله الباجي، وإذا بطل الأمران فيها لزم تعلق البيع فيها بذمة البائع وكلما تعلق بالذمة لزم تعلقه بكل مملوك لذي الذمة، والعجب من ابن عات في عدم ذكره كلام ابن رُشْد مع كثرة نقله عنه.
الباجي: وكون المسلم فيه موجودًا، عند حلول أجله شرط فيها ما ينقطع من أيدي الناس في بعض السنة من الثمار الرطبة وغيرها لا يشترط أخذ سلمه إلا في إبانه وإن شرط أخذه في غير إبانه؛ لأنه شرط ما لا يقدر عليه.
ابن بشير: وشرط أبو حنيفة كونه مقدورًا على تسليمه في جميع أثناء الأجل لئلا يموت المسلم إليه في أثنائه فيجب تعجيله، وعندنا خلاف في مراعاة الطوارئ البعيدة فيجري هذا الشرط على رعيها.
ابن عبد السلام: في هذا نظر لاحتمال اتفاق أهل المذهب على إلغاء احتمال الموت والفلس في هذا، وإن اختلفوا في مراعاة الصور النادرة لاحتمالها شهد الشرع بإلغائه في الأجل لجواز البيع إلى أجل طويل إذ لو روعي ذلك الاحتمال كان الأجل غير منضبط فيكون العقد ذا غرر فيمنع وهو باطل قطعًا.
قُلتُ: رده بقوله: لاحتمال اتفاق أهل المذهب على إلغاء احتمال الموت والفلس لا يخفى ضعفه لأن احتمال الاتفاق لا يوجب ثبوته؛ لأنه من جملة أفراد القضية الضرورية القائلة احتمال الشيء لا يوجب ثبوته وهي بديهية وربما برهنت باستلزام نقيضها المحال وهو اجتماع الضدين والنقيضين، ورده ثانيًا بقوله: شهد الشرع بإلغاء هذا الاحتمال إلى آخره، يرد بأنه إنما ألغاه لتعذر المنجي منه في أمر حاجي أو ضروري وهو البيع بثمن مؤجل وصورة النزاع المنجي منه ممكن وهو دوام وجود المسلم فيه مدة الأجل.
وفيها: لا يجوز السلم في نسل حيوان بعينه من الأنعام والدواب بصفة وإن كانت حوامل إنما يكون السلم في الحيوان مضمونًا لا في نسل حيوان بعينه.
اللخمي: لأنه إن لو يوجد بتلك الصفة كان رأس المال تارة سلفًا وتارة بيعًا،