وحمل التونسي المسألة على أن المائة من سلم، فقال فيها: جواز اقتضاء الدقيق من القمح في السلم وليس بصحيح؛ لأنه قال: سئل عمن أسلف مائة إردب، ولم يقل في مائة إردب.
وسمع عيسى ابن القاسم: لمن أسلم ويبة قمحًا أخذ نصفها قمحًا، ونصفها دقيقًا أو شعيرًا أو ثمرًا كمن له ديناران، له أخذ دينار عينًا، ويأخذ بالآخر ما شاء قمحًا أو دراهم، فإن قيل الدينار لا يصلح أن يأخذ نصفه عينًا، ونصفه شيئًا آخر فالويبة بمنزلته قيل: ليس كذلك، لأن الدينار لا يتبعض والويبة تتبعض كدينارين وله أن يأخذ من ويبة القمح نصفها قمحًا، وبالنصف الآخر كل ما يجوز بالقمح متفاضلًا وما لا يجوز إلا مثلًا بمثل لا يأخذ إلا مثل ما بقي من الكيل إن كان له ويبة محمولة فلا خير في اخذه نصفها سمراء، ونصفها شعيرًا أو شيئًا من الأشياء في صفقة واحدة ولو كان ذلك في صفقتين في وقتين فلا بأس به.
ابن رُشْد: لابن أبي جعفر عن أشهب أن الويبة كالدينار فلم يجز ذلك فيها.
وقول ابن القاسم أصح كالدنانير والدراهم المجموعة، وإنما لم يجز في الويبة المحمولة نصفها سمراء ونصفها شعيرًا لأن السمراء أفضل من المحمولة والشعير أدنى فيدخله التفاضل المعنوي، ولا خلاف في منعه وكذا أخذ نصف ويبة سمراء، وفي النصف الآخر صنف آخر تمرًا وشبهه، ولو كان له عليه ويبة سمراء فأراد أن يخذ منه نصف ويبة محمولة ونصف ويبة شعيرًا أو كان له ويبة شعيرًا فأراد أن يأخذ منه نصف ويبة سمراء ونصف ويبة محمولة لجاز على أحد قولي ابن القاسم في المدَوَّنة، وقول أشهب فيها خلاف ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية، وفي رسم إن خرجت بعد هذا دليل على القولين فهي ثلاثة أوجه:
وجه جائز اتفاقًا، ووجه لا يجوز اتفاقًا، ووجه مختلف فيه.
فالاقتضاء يفترق من المبادلة والمراطلة في وجهين:
أحدهما: أن من كان له على رجل ذهب أو طعام جاز له أخذ بعضه على صفته التي وجبت له وباقيه على صفة أرفع أو أدنى اتفاقًا، ولا يجوز بدل قفيز من قمح، بقفيزين أحدهما مماثل والآخر أجود أو أدنى ولا تجوز مراطلة ذهب بذهبين أحدهما مماثل