لأن الراهن أدخل على المرتهن بيع رهنه فأشبه ذلك بيعه بغير إذنه وما يبقى من الرهن بعد أن يباع منه بحق الأول مجهول، فيقوم من هذه المسألة رهن الغرر في العقد، وفيه قولان قائمان من المدونة من قولي مالك وابن القاسم في منع اشتراط منفعة الرهن وهو ثبات أو حيوان.
قلتُ: عبر في رسم الأقضية الثاني عن ما في التجارة بأرض الحرب بقوله: دليل ما في التجارة بأرض الحرب، لم يعينه وهو قوله: إن أسلم عبد النصراني فرهنه بعته، وعجلت الحق إلا أن يأتي برهن ثقة، وظاهر قول ابن رشد أنه إذا كان بيد عدل أنه لا يشترط علم الأول في رهن الفضلة من غير خلاف.
وقال اللخمي: اختلف في ذلك.
روى محمد: يجوز إذا رضي الأول، وقال أصبَغ: يجوز وإن لم يرض إن رضي العدل.
اللخمي: إن لم يكن من اجل الأول أبعد، لم يعتبر رضاه، وإن كان ودينه عرض من بيع لم يجز إلا برضاع إلا أن يرهن الثاني، على أن لا يقوم ببيع الرهن حتى يحل الأول، وفيه مغمز من الغرر، وإن كان دين الأول عينا أو عرضا من قرض جاز إذا دخل على أن يجعل حقه إذا حل الأول وإن لم يرض الأول، وهذا إذا علم العدل ورضي أن يحوز ذلك الفضل إذا بيع للأول، فيحول بين الراهن وبين ذلك الفضل، واختلف إن لم يرض قياسًا على المخدم، وقد تقدم.
قلتُ: في فهم كلامه هذا عسر وهو كما نقله في غير نسخة، ولا يفهم إلا على أن الضمير الفاعل المستكن في دخل إنما يعود على الغريم، وقوله: يعجل حقه؛ أي: الحق الذي عليه لا له، وعليه يصح اتصاله بقوله عقبه، وهذا إذا علم العدل ورضي أن يحوز ذلك الفضل إذا بيع للأول؛ أي يجوز دين الأول، وأطلق عليه فضلًا مجازًا باعتبار كونه زائدًا على القدر الواجب للثاني، لا على قدر دينه؛ لأن حق الأول مبدأ عليه.
وذكر الصقلي مسألة سماع القرينين من رواية ابن القاسم في الموازيّة.
وفيها: كما في السماع: قال مالك: أعلم الثاني أن حق الأول إلى ستة أشهر، قال: لا إلى آخرها، فقال التونسي: يحتمل أنه لو علم لم يجز البيع من الثاني؛ لأنه على أن يعجل للأول حقه فيصير بيعًا وسلفًا؛ لأنه لا يقدر على بيعه للثاني، إلا بتعجيل دين الأول،