للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامتناع تعلق الدين بالرهن في أكثر من قيمته في كل رهن، وإن أراد في ذمة الراهن فكذلك لأنه لم يلزم له في ذمته شيئًا؛ بل الواجب أن ينظر هل يقضي ما يتعلق بالرهن من معاملته على قدر ما يعامل به مثله إذا كانت قيمة الرهن أكثر من ذلك، كمسألة الحمالة، أو يعم تعلقه بكل قيمة الرهن لقرينة دفعه، رهنا والأظهر جريه على قاعدة تعارض دليلين أحدهما يدل على عمارة الذمة، والآخر يدل على براءتها في هذا الأصل خلاف.

قيل: يقدم الأول؛ لأنه مثبت شيئًا والآخر نافيه، وقيل: يقدم الثاني لموافقته أصل براءة الذمة؛ لأن الدليلين يتساقطان ويرجع إلى الأصل وهو براءة الذمة ورهن السلعة في ثمنها، تقدم، وقول ابن الحاجب، ويخير البائع وشبهه في الفسخ في غير المعين، هو مدلول قولها: وإن بعت منه سلعة إلى أجل على أن تأخذ به رهنًا ثقة من حقك فلم تجد عنده رهنًا، فلك نقض البيع أو تركه، بلا رهن، وقوله: وشبهه، يريد: كالمسلف على ذلك، وقوله: يصح للرهن قبل القبض، ولا يتم إلا به، ويجبر الراهن عليه إن كان معينًا.

المازري: عقد الرهن لازم بالقول، ويتخرج على عقد الهبة.

روي ابن خويز منداد: عدم لزوم عقد الهبة وأخذه بعض أشياخي من قولها: لمن أعار أرضًا للبناء والغرس دون أجل إخراج المعار بإعطائه ما أنفق، ورده غيره من أشياخي.

قلت: التخريج على الهبة في الرهن غير المشترط في عقد البيع أو القرض، وقول ابن الحاجب: يجبر عليه إن كان معينًا خلاف نصوص المذهب بعموم جبره في المعين وغيره، والمعهود تبعيته لابن شاس، ولفظ ابن شاس مطلق غير مقيد بالمعين في البيوع الفاسدة منها مع غيرها، وإن بعته على حميل لم تسمياه أو رهن لم تصفاه جاز وعليه الثقة من رهن أو حميل، وإن هلك ما اشترطت من رهن معين قبل قبضه المرتهن، فهو مخير في فسخ بيعه، وليس للمبتاع جبره على رهن آخر إلا أن يشاء، ولو هلك الرهن بعد قبضه المرتهن فلا حجة له، ولو كان غير معين فهلك بعد قبضه ففي كونه كذلك، ولزوم بدله كالراحلة المضمونة، نقلا الصقلي عن بعض الفقهاء وابن مناس قائلًا: إن عجز المبتاع عن حميل أو رهن عنه سجن في الحميل، لا في الرهن؛ لأنه يقدر على اختبار ذمته بالسؤال عنه والكشف، ولا يقدر على علم من يتحمل عنه بذلك، وعزاه ابن محرز لابن شبلون معه،

<<  <  ج: ص:  >  >>