ابن رشد: بعد ذكره قولي ابن القاسم وأشهب؛ إنما الخلاف عندي فيما هو على مسيرة العشرة الأيام ونحوها وما بعد كالشهر ونحوه فلا خلاف في تفليسه وإن عرف ملاؤه.
قلت: هو خلاف ما تقدم للخمي ففي كون البعيد كالشهر مختلفا فيه طريقان.
ابن الحاجب: والبعيد الغيبة لا يعرف ملؤه بفلس، وقال أشهب: ولو عرف.
ابن عبد السلام: فيما حكاه عن أشهب قصور؛ لأنه لا يتناول من كان معروف الملاء ويتبين لك ذلك بأن نسوق كلام ابن يونس بذكر ذلك.
قلت: لا يخفى على ذي فهم أن قول ابن الحاجب، ولو كان عرف أنه يتناول من كان معلوم الملاء تناولا نصاً، وقول ابن الحاجب: لو مكنهم الغريم من ماله فاقتسموه ثم تداين فليس للأولين دخول في ذلك إلا أن يكون فيه فضل ربح كتفليس الإمام هو نص سماع ابن القاسم، ومثله سماع أصبغ روايته.
وفيه قال ابن القاسم: ولو قاموا عليه فلم يجدوا في يده شيئاً فتركوه لم أره تفليساً، فإن بعد ذلك دخل الأولون على الآخرين؛ لأنهم لم يرفعوه إلى الإمام فلم يبلغوا من كشفه ما يبلغه الإمام.
ابن رشد: هذا حد للتفليس المانع دخول من فلسه على من عامله بعد ذلك، وحد التفليس المانع قبول إقراره قيام غرمائه عليه أو قيامهم فيستتر عنهم.
قال محمد: ويمنعونه من التصرف في ماله فالأعم.
قال ابن رشد: يمنع إتلاف شيء من ماله لا يعوض فيما لا يلزمه مما لم تجر العادة بفعله كالهبة والعتق لا ما لزمه من نفقة أبيه وابنه ونفسه، ولا ما جرت العادة به من كسوة السائل والأضحية ونفقة العيدين دون سرق في الجميع، وماه عوض معتاد فعله كالنكاح ونفقة الزوجة بخلاف ما ليس معتاداً كنفقة حج التطوع، وفي نفقة حج الفرض نظر، وقد يأتي على كونه على الفور أو التراخي، وانظر في جواز تزويجه أربعاً.