قُلتُ: باعتبار عقده، وباطن الأمر إن كان الصادق المنكر، فالمأخوذ منه حرام وإلا فحلال، فإن وفى الحق برئ، وإلا فهو غاصب في الباقي، ولم يذكر فيه المازري ولا ابن القُصَّار ولا أحد من مشاهير شُيُوخ المذهب المعتاد منهم، نقل غرائب المذهب خلافًا في جوازه.
وقول ابن عبد السلام: لا أعرفه، وكان يجري لنا في البحث تخريج قول الشافعي من قول سَحنون: إن طلب السلامة شيئًا خفيفًا؛ لم يجز إلا أن يعطوه خلاف قولها في أول الجهاد في جامع: أنه أعطى مالاً؛ ليدفع عدى، وأن التخريج أحروي؛ لأن العداء في المحارب القتال المعروض للقتل وهو أشد عند الخصومة للمعروض للحلف.
قال ابن عبد السلام: والنفس لمذهب الشافعي أميل، وفي كتاب الجهاد من المدَوَّنة ما يقرب منه.
قُلتُ: أول الجهاد منها ما يدل على عكس الآخر من قولها، وإذا تنازع رجلان في اسم مكتوب في العطاء، فأعطى أحدهما مالاً على أن يبرأ له من ذلك الاسم؛ لم يجز؛ لأن الذي أعطى الدراهم إن كان صاحب الاسم، فقد أخذ الآخر ما لا يحل له، وإن كان الذي أخذ الراهم هو صاحب الاسم لم يجز ذلك؛ لأنه لا يدري أقليلاً أم كثيرًا، ولا يدري ما تبع حياة صاحبه، وهذا عندي لا يجوز، ويرد بأن المنع في مسألة الجهاد إنما كان لدوران للأمر فيها بين أمرين كل واحد منهما موجب للفساد حسبما قرره فيها، والصلح على الإنكار ليس كذلك؛ لأنه على تقدير صدق المدعي لا موجب للفساد.
وفي الأيمان منها: من لزمته يمين فافتدى عنها بمال جاز فقيدها غير واحد بمقتضى الصلح على الإنكار فيما يجوز وما لا يجوز.
وفي المقدمات: عقده على حرام في حق كل منهما يفسخ اتفاقًا، كصلحه على دعوى عشرة دنانير أنكرها بدراهم مؤجلة في فسخه وإمضائه قولان للمشهور، وأَصْبَغ: والمكروه ما ظاهره الفساد غير محقق كونه في جهة معينة كدعوى كل واحد منهما على صاحبه بدنانير مؤجلة في فسخه فيصطلحان على تأخير كل منهما صاحبه