أقوى من البينة التي لم يعلمها، وجواب ذلك بتقرير إشكال الجواب من وجواب من وجهين: الأول مع اختصار إقراره على جهل المدعي البينة؛ لصحة قياسه على علمه بالبينة الغائبة بجامع أنه صالح مع علمه بوجود دليل صدقه في الواقع المحتمل حصوله في الظاهر وعدم حصوله؛ لأن احتمال توبته وإقراره كاحتمال حضور البينة، الثاني: إجمال جوابه لاحتمال تقييده بما إذا لم يكن المقر له قد صالح وهو عالم ببينة له، وأنه لو كان عالمًا بها لم يرجع على خصومته لإقراره بشيء، وبهذا قيدها حمديس، وابن أبي زَمَنَيْن فيما نقله المتيطي، واحتمل عدم تقييده بذلك، وأن له مؤاخذته بإقراره مطلقًا وهو ظاهر لفظها.
الصقلي: اختلف فيمن يقر في السر ويجحد في العلانية إن صالحه على تأخير سنة، وأشهد أنه إنما يصالحه لغيبته ببينته إن قدمت قام بها، قيل له: القيام بها إن علم أنه يطلبه فيجحده، وقيل: لا قيام لربها.
قال مُطَرِّف: إلا أن يقر المطلوب بعد إنكاره، وقاله أَصْبَغ: ولو صالحه على تأخيره سنة بعد أن أشهد بعد الشهادة على إنكاره أنه إنما يصالحه ليقر له بحقه، ففي لزوم أخذه بإقراره، ولغو صلحه على تأخيره ولغو إقراره، ولزوم صلحه بتأخيره نقلا الصقلي عن سَحنون وابن عبد الحَكم قائلا: الأول أحسن، والظالم أحق أن يحمل عليه.
قُلتُ: وعليه عمل القضاة والموثقين، وأكثرهم لم يحك عن المذهب غيره، وحكى المتيطي ثانيًا عن ابن مزين عن أَصْبَغ: لا ينفع إشهاد السر إلا على من لا ينتصف منه كالسلطان أو الرجل القاهر، ولم يذكر الثاني، فالأقوال ثلاثة، وعلى الأول حاصل حقيقة الاسترعاء عندهم وهو المسمى في وقتنا إيداعًا هو إشهاد الطالب أنه طلب فلانًا، وأنه أنكره، وقد تقدم بهذه البينة أو يرها، وأنه متى أشهد بتأخيره إياه بحقه فضيعه شيء منه، أو بإسقاطه بينة الاسترعاء، فهو غير ملتزم لشيء من ذلك، وأنه إنما يفعله ليقر له بحقه، وشرط تقدمه على الصلح فيجب تعين وقته بيومه، وفي أي وقت هو من يومه خوف اتحاد يومهما فإن اتحدا دون تغير جزء اليوم؛ لم يعد استرعاء.
المتيطي وابن فتوح: ولا ينفع الاسترعاء إلا مع ثبوت إنكار المطلوب ورجوعه في الصلح إلى الإنكار، فإن ثبت إنكاره وتمادى عليه في صلحه؛ لم يفد استرعاؤه شيئًا،