وفاء الحق على الحميل؛ إلا في هذه الصورة، وهذا جائز كما تقدم في «الموازية» من رواية أشهب فيمن أخذ بثمن سلعته حملاً حسبما تقدم فتأمله، وقول ابن دحون: وقبوله ابن رشد يدل على عدم ذكرهما رواية «الموازية» مع غيرها، ونقلها الصقلي والشيخ، وأقرب ما تأول الرواية على وجه يعم رواية «الموازية» و «العتبية» أنه إنما حلل الميت يعنى باعتبار طلب الأجرة؛ إذ لم يحصل لحقه من الحميل؛ لاحتمال عجزه عن القضاء؛ لأن عز الدين ابن عبد السلام قال: من مات مديناً أخذ لرب الدين من حسناته حتى تنفد، فان كان قد مات قادراً على القضاء أخذ من سيئات رب الدين، وطرحت عليه بقدر حقه، وان مات عاجزاً عن القضاء لم يطرح عليه من سيئاته، ثم رأيت هذا التأويل للمازري.
وفي «الموازية»: إن قضى الحميل لغيبة الغريم، ثم قدم وأثبت قضاءه، فان سبق الحميل بعد حلول الدين تبع الغريم، واتبع الغريم الطالب، وان ثبت العكس لم يرجع الحميل إلا على الطالب، وان جهل الأول منهما فهو بالخيار، ولا الحميل إلا الطالب إلا أن يكون دفعه نقصاً من الحاكم بعد حلف الغريم أنه دفع قبل، فان نكل حلف الأول، وأغرم الغريم، فإن نكل؛ فلا شيء عليه، وموت الغريم ملياً يوجب تعجيل القضاء من تركته وموته عديماً لا يوجب على الحميل تعجيله، وفى كون موت الحميل توجب تعجيل الحق من تركته وارثه عند حلوله ووقفه لحلوله، فان حل والغريم ملي رد لوارثه، وإلا أخذه الطالب، روايتان لها، ولابن وهب وعبد المالك.
الصقلي عن يحيى: هذه رواية سوء، القاضي: الأولى: على رواية تخيير الطالب في الغريم والحميل، الثانية: على عدم تخييره.
الصقلي: بل الأولى على عدم تخييره؛ إذا لا فائدة في دفعه؛ لأنه إن حل والغريم عديم أخذه الطالب؛ وإلا يأخذه الوارث من الغريم كرده له حينئذ بعد وقفه مع احتمال تلفه في مدة الوقف، وتأخير الطالب الغريم.
قال بن رشد في آخر سماع أشهب: إن أخره معدماً؛ فلا حجه لحميله، وان أخره ملياً فأنكر حميله ففي سقوط حمالته بقائها، ثالثها: إن أسقط الحمالة صح تأخيره، وإلا حلف ما أخره على بقائها وسقط تأخره، وان نكل لزمه، وسقطت الكفالة للغير فيها