وقد قال ابن القاسم في دفع المأمور والكفيل ذهباً عن ورق أو طعاماً أو عرضاً: الآمر والغريم مخيران في دفع ما عليه أو ما دفع عنه لتعديه، وهذا أصل متنازع فيه كثيراً.
ابن رشد في رسم العرية من سماع عيسى: من قضى عن رجل دراهم عن دنانير أو بالعكس أو تمراً عن قمح من أمر المدين رجع عل من قضاه بما قضاه، وبقى الدين بحاله اتفاقا، فالفساد القضاء وإن قضاه بأمره، فإن قال: اصارفك لنفسي فيما لك من الذهب، وابتاع منك القمح الذي لك بهذا الثمن رجع بالدنانير والقمح، إن قال فيهما: صالحني بما ذكر غريمك رجع بما دفع إلا أن يشاء الآمر دفع ما عليه اتفاقاً فيهما، وإن وقع ذلك مبهماً دون بيان لأحد الآمرين، ففي حمله على انه مبتاع لنفسه أو مصالح قولا ابن القاسم، وقول بعضهم: تخير الأمر، قول ثالث غير صحيح، وحاصل الخلاف أن في منع القضاء وجوازه قىولان، بناء على إيجاب خيار الأمر العباد، ولغوه؛ لأنه حكمي.
وفي رجوع المأمور والكفيل بدفع دنانير عن دراهم، وقمحاً عن تمر بما دفع إلا أن يشاء المطلوب دفع ما عليه أو بالدين، ثالثها ليرجع للكفيل بما أدى، والمأمور بالدين، وتفرقته في المدونة في احد اقواله بين الحميل والمأمور؛ لأن الحميل إنما تحمل على أدائه للطالب ما له على المطلوب، ويتبعه بها أذى على شرائه ما على المطلوب فوجب حمل أمره عند الإفهام على ما علم من قصده أولاً.
الصقلي: عن محمد: الحميل بدنانير إن دفع عنها دراهم قبل الأجل لم يحل، وبعده الأجل جائز، ويخرج الغريم ما عليه بشتري به دراهم إن نقضت لم يكن للحميل غيرها، ولا شيء له في الفضل، فرجع ابن القاسم عن تخير الغريم قي دفعه دراهم أو دنانير، وقال: هذا حرام، وقاله أشهب.
ابن رشد: في سماع يحيى: إن أدى عن دنانير دراهم أو قحماً عن ثمن، ففي جوازه قولان، وعلى الجواز ففي رجوعه بها بما تحمل الغريم فيه.
وفيها: غرم عنه، قولان، وهذا معنى قولها: لا بربح في السلف، والقولان في كتاب الكفالة منها.