للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفعه رجوعه؛ لأنه حق وجب عليه، ففرق عبد الحق بأنه في الحمالة لم يدخله في شيء، والآخر ادخله في ترك الغريم ورفع طلبه، ولأن حلف الطالب هو مستقل به، والمعاملة لا يستقل بها بنفسه، ولأنه في الحلف ضمن شيئاً وجب، وفي المعاملة لم يجب بعد.

اللخمي: إن سمى القدر الذي يداين به؛ لم يكن له عنه رجوع، ويختلف أن أطلقه، فقال ابن القاسم: له أن يرجع، واختلف قول مالك في هذا الأصل إذا أكرى مشاهرة، فقال مرة، لا يلزمه شيء؛ لأنه لا غاية له، وألزمه مرة شهراً، وكذا اختلف فيمن أعار أرضاً، ولم يضرب أجلاً هل تلزم العارية لمدة ما يرى أنه يعار إليها أو لا تلزم، وعلى أحد القولين يلزمه ذلك إلا أن يداين بمثله هذا، وإن داينه بأكثر من مداينة مثله مرة بعد مرة لزمه أولها، وسقط ما فوقه، وإن عامله بأكثر وأخذ فوق ما يعامله به مثله سقط عن الكفيل المطالبة بجميع ذلك.

وسمع عيسى رواية ابن القاسم من ترك مالا لم يدر قدره فتحمل ولده لغرمائه ديونهم على أن يخلوا بينه وبين التركة، فإن كان على أن يختص بفضل التركة عن الدين دون الورثة لم يجز، وإلا جاز؛ لأنه معروف، وهذا من أمر الناس، وفي سماع ابن القاسم من كتاب المديان: لو كان الدين ثلاثة أمثال التركة وورثه ولده فقط، فطلب تأخيره الغرماء سنتين على أن يضمن على دينهم لا بأس به، وبلغني مثله عن ابن هرمز ابن دحون، هذه المسألة رديئة، إلا أنه تبع فيها ابن هرمز؛ لأنه أخذ عيناً ليعطي إلى أجل أكثر منها، ولأنه ضمن ما يطرأ على أبيه من دين مجهول أو يطرأ دين لزمه، ولو شرط أنه لا يؤدي إلى دين من حضر لم يجز؛ لأن الغائب إذا قدم أخذ حظه من التركة ابن رشد هذا غير صحيح؛ إذ لا يجوز عند أحد من العلماء تقليد عالم لعالم فيما يراه باجتهاده أنه خطأ، إنما اختلفوا هل له ترك النظر في نازلة ليقلد من نظر فيها واجتهد، أم لا؟

ودليل مسائل مالك أن ذلك لا يجوز، فلم يتابع مالك ابن هرمز من دون نظر؛ بل أجازها بنظره، وحكى قول ابن هرمز احتجاجاً لصحة نظره، ووجهه أن المتروك لم يدخل في ضمان الغرماء، فيكونوا دفعوه فيما هو أكثر؛ لأن ذلك لو تلف كان من الميت، ولما كان باقياً على المتوفى؛ جاز أن يحل وارثه محله، والميت لو فلس ففعل ذلك مع الغرماء؛ جاز كذلك وارثه؛ ولذا لم يجزه مالك لأحد الورثة

<<  <  ج: ص:  >  >>