بعد هدمه فلا حق فيه للمعار إلا بإذن مستأنف، وكذا كل ما أذن فيه، وفيه عمل وإنفاق، وكذا الإذن في ماء بير أو عين لمن ينشئ عليه عملا أو غرسا، ولو شرط الرجوع متى شاء بطل الإذن قبل العمل، وبطل الشرط بعده، وما لا عمل فيه ولا كبير إنفاق كفتح باب أو طريق بأرض أو ماء لسبقه اشتفت أو لسقي شجر أنشئت قبل ذلك، فذهب ماؤها فله الرجوع فيمن أذن فيه إن لم يكن يحده بأجل فيلزمه بتمامه أو يكون المأذون له باع، وشرط لمبتاعه ما أذن له فيها فعلم الإذن فيلزمه، وقالوا فيمن أذن لرجل أن يسوق على أرض براء له، وللإذن لا رجوع له، وإن لم يتكلف المأذون له نفقة لإلزام عمر بن محمد بن مسلمة ذلك لعبد الرحمن بن عوف، واختار هذا ابن حبيب، وحكى عن أصبغ أن له الرجوع فيما أذن فيه ولو فيما تكلف فيه عمل، وإنفاق إن أتى عليه من الزمان ما يعار لمثله عادة، إلا من أذن له في غرس على مائة فليس له قطعة بعد غرسه.
قال: وهو على مذهب ابن القاسم فالأقوال ستة الآتي على قول ابن لبابة، وابن أيمن: لا رجوع للآذن إلا أن يحتاج، ولا رجوع وإن احتاج، والرجوع ولو لم يحتج، ويغرم للمأذون له فيما عمل قيمة نفقته، رابعها: قول أصبغ، وخامسها: الفرق بين غرز الخشبة وغيره لحديث: "لا يمنع أحدكم ... "، وسادسها: الفرق بين ما تكلف المأذون له فيه نفقه ومالا، والاختلاف إنما هو في الإذن المبهم غير المصرح فيه بهبة ولا عارية، ويختلف إن غرس على مائة، وهو ساكت، ثم أراد قطعه، قيل: ذلك له بعد حلفه أن سكوته لم يكن رضى، وقيل: سكوته كالإذن فيجري على الاختلاف فيه.
قلت: وفي الكلام عليها في العارية زيادة، وإن تنازع جاران في جدار بينهما عمل على البينة، فإن عدمت فدليل البناء السالم عن المعارض، فإن عدم قسم على أصل التداعي العاري عن مرجح، والدليل في ذلك من أعلاه فقط، ولابن سحنون عنه لو كان حائط فوق آخر، وكل منهما لمن عنده إليه.
سحنون: ولو كان الكراء المعدة للرفع فيها مبينة مع أصل الحائط من جهة مدعيه غير نافذة.