شاء الورثة أقروا ذلك للوارث وأخذوه منه، فيكون ميراثًا لجميعهم، وهذا معنى قوله: إن كان المال مفترقًا أخذ كل واحد منهما ما له، ولا خلاف في هذا الوجه.
قُلتُ: فالأقوال ثلاثة قولا ابن القاسم، وسحنون، وتفسير التونسي قول أشهب بغير قول سحنون، وتفسيره بما ذكر يرد نقلًا بأنه خلاف قول أشهب لتشبيهه بعتق المدين بالدينين السابق واللاحق، ونظر بأن ما أخذه الوارث المقر له في مقاسمة أخيه إنما أخذها بالإرث لا بالإقرار، ورجوعه على الأجنبي إنما هو بحقه في الإقرار وهو لم يبق بيده منه شيء.
وللشيخ عن كتاب ابن سحنون: قال أشهب: إن أقر مريض له دين على وارث بكفيل أجنبي أنه قبضه من وارثه أو كفيله لم يصدق، ولو كان الدين على الأجنبي والوارث كفيله فأقر بقبضه من الأجنبي فهو كالأول، وأنكره سَحنون، وقال: لو أوصى به للأجنبي جاز في ثلثه فكيف بهذا.
ابن سحنون: إن كان الأجنبي مليًا فكما قال سحنون، وإلا فالإقراره باطل؛ لأنه لم يقع لوارثه، أشهب: إن أبطلنا إقراره فقال الكفيل برئت من الحمالة إذ لست بوارث لم يبرأ منها حتى يسقط الدين كما لو أوصى بالدين لوارثه.
ابن المواز: إن أسقط المريض حمالة أجنبي بدين على وارثه جاز إن كان الوارث مليًسا أو معدمًا، وكذا إن أقر أنه قبض حقه من وارثه سقطت حمالة الأجنبي.
ابن عبد الحكم: إن حمل الثلث المال فالأولى يسقط الحق عن الوارث.
محمد: ولو أقر أنه استوفى الحق من الحميل الأجنبي جاز وسقط حقه عن الوارث والأجنبي وصار ما على الوارث وللأجنبي كما لو أوصى به من ثلثه والإقرار له به من رأس ماله.
سحنون: لو كان له دين على وارث وأجنبي كل منهما كفيل بصاحبه، فإقراره بقبض ذلك منهما باطل كإقراره لهما بدين، هذا قول أشهب.
وقال ابن القاسم: يجوز في إقراره بحصة الأجنبي فقط، ويغرم الوارث حصته، فإن كان عديمًا وداه عنه الأجنبي، ورجع به عليه المقر له.