ولأشهب في كتاب الأقضية: من نزل على رجل له أم ولدٍ حاملُ فولدت هي وولدت امرأة الضيف في ليلة صبيين، فلم تعرف كل واحدة منهما ولدها، وادعت كل واحدة منهما أحدهما ونفى الآخر، دعي له القافة.
قلت: هي أول مسألة من نوازله في العتبيَّة ونصها: من نزل على من له أم ولدٍ حاملُ وامرأة الضيف حاملُ، فولدتا في ليلة واحدة واختلط الصبيان ولم يعرف كل واحد منهما ولده وادعى كل واحد منهما صبياً منهما، يقول هذا ولدي، ويقول الآخر هذا ولدي، وكلاهما لا يدعي منهما صبياً بعينه؛ لأنهم اختلطا، فإنها تدعى لهما القافة.
ابن رُشْد: قوله: وادعى كل واحد منهما صبياً منهما يقول هذا ولدي ويقول الآخر هذا ولدي، مناقض لقوله ولا يعرف كل واحد منهما ولده، ولقوله أخيراً وكلاهما لا يدعي صبياً بعينه، ولا تخلو المسألة من ثلاثة أحوال.
الأول: إن ادعى كل واحد منهما واحداً بعينه، ونفى الآخر عن نفسه وجب أن يلحق بكل منهما ما ادعاه، ويحمل قوله في الرواية يدعي كل منهما صبياً يقول: هذا ولدي، ويقول الآخر: هذا ولدي، على أنه يقول آخذه فأتبناه فيكون ابني، ولا أعلم هو ابني أم لا، فتكون أرادت ذلك لغواً، كما لو لم يدع إلى ذلك ولا أراده، فالوجه أن تدعى له القافة.
الثاني: إن ادعيا معاً واحداً بعينه، ونفى كل منهما عن نفسه ما سواه فالواجب على أصولهم أن تدعى له القافة كالأمة بين الشريكين يطآنها في طهر واحد فتلد والداً يدعيانه معاً.
وفي أول نوازل سَحنون من الشهادة مسألة من هذا النوع لم يقل فيها بالقافة، فمن الشيوخ من حملها على أنه اختلاف من قوله، ومنهم من جعل هذه مفسرة تلك وأوجب القافة فيها، ومنهم من فرق بينهما بما ذكرته هناك وهو الأولى فلا اختلاف في القافة في هذه ولا يقام منها القافة في الأحرار وإن اختلف في ذلك؛ لأن ما اعتل به في التفرقة بينهما وهو قوة فراش أحد الزوجين على ما تقدم في سماع أشهب معدوم في هذه المسألة، إذ لا مزية في هذا لأحد الفراشين على الآخر.