وأما في دعوى الرد فقد تقدم تحقيق المذهب في ذلك، وحيث يقبل قوله: إنه لا خلاف أن بيمين، ولا في انقلابها إن نكل، وظاهر كلام ابن الحاجب أن في حلفه في دعوى الرد قوليه مشهورهما حلفه، وأنه إن نكل ففي غرمه دون حلف رب الوديعة قولان: المشهور حلفه، ومن تأمل روايات المذهب علم بطلان ذلك كله، وقول ابن عبد السلام إثر تقرير الأقوال التي ذكرها ابن الحاجب، وهذا الخلاف موجود في يمين التهمة، ظاهره قبولها، وقول ابن هارون في نقل ابن الحاجب هذا الخلاف في دعوى الرد مما انفرد به أصوب، ولاشتمال كتابه على مثل هذا كان محققوا شُيوخنا ينكرون كتاب ابن الحاجب الفقهي، والله أعلم.
وفي نوازل أصبغ: لو قال لمودعها: ما أدري رددتها إليك أو تلفت لم يضمنها، إلا أن يكون إنما أودعه إياها ببينة فلا يبرأ إلا بها.
ابن رُشْد: ويحلف ما هي عنده ولقد ردها إليه أو تلفت، ولو دفعها إليه ببينة فقال المودع: إن كنت دفعت إلى شيئاً فقد ضاع لبرئ بيمينه، قاله عبد الله بن عبد الحَكم وهو على قياس قول أصبغ هذا.
الشيخ عن الموازيَّة: إن قال المودع أو العامل: رددنا المال لوصي الوارث لموت رب المال لم يصدقا إلا بينة أو إقرار الوصي، ولو كان قبضهما بغير بينة؛ لأنهما لغير من قبضاها منه.
وفي كتاب الدعوى سمع عيسى ابن القاسم: من بيده مائة دينار وادعاها رجلان كل منهما لنفسه، وقال: ما أدري من أودعنيها منكما قسمت بينهما بعد حلفها، ومن نكل عنها اختص بها الحالف، ولو قال ذلك، وهي دين عليه لأحدهما، وجهل عينه حلفا، وغرم لكل منهما مائة.
ابن رُشْد: في كون الدين كالوديعة وعكسه، ثالثها: الفرق التفرقة المذكور للآتي على أحد التأويلين في مسألة رسم البيوع من سماع عيسى من كتاب المديان، والآتي على سماع عيسى ابن القاسم في رسم القطعان من كتاب القراض من هذا السماع.