كونها مؤداة، فلا شيء من العارية بمنفعة فلا شيء من المنفعة بعارية عارية، أما الأولى فلحديث أبي داود عن يعلى بن أمية قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاك رسولي فادفع إليهم ثلاثين درعا وثلاثين بعيرا، فقلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أم عارية مؤداة، قال: بل مؤداة".
ولما أنشده الجوهري:
إنما أنفسنا عارية ... والعواري قصار أن ترد
والقصارى الغاية، وأما الثانية: فواضحة؛ لأن عين المنفعة لا ترد ولا يمكن ردها عادةً أو عقلًا عند غيرنا، والثالثة: النتيجة، والرابعة: عكسها حسبما تقرر في الأصول.
وفيها: من استعار دنانير أو دراهم أو فلوسًا أو طعامًا فذلك سلفٌ مضمونٌ لا عارية.
هذه ترد نقل المازري في السلم الأول: صحة فرض العين بشرط عدم استهلاكها، إلا أن يريد: ما قاله اللخمي لجواز عارية العين على بقاء عينها لصيرفي ليظهرها؛ لأن يقصد بالشراء أو من قل ماله ليظن ملاؤه.
قلت: هذا إن كان يتعامل بالنقد، وأما إلى أجل فغرور لا تجوز الإعانة عليه.
اللخمي: ولو قال: أتجر بها على أن الربح لك ولا خسارة عليك كانت كذلك وصدق فيما يشبه من الخسارة، وقاله ابن القاسم وأشهب وضمنه سحنون الخسارة.
ولما أجمع جل العلماء على انحصار حل وطء المرأة في نكاحها أو ملكها لزم حرمة عارية الأمة للوطء، وإلا لما كان لها جماع الثابت ثابتًا.
اللخمي: شرط عارية خدمة الإماء كونه لمن لا يخشى متعته بهن فتجوز للنساء ولغير بالغٍ ولذي محرمٍ منهن، فذو المحرم الجائز له ملكهن جائزٌ له استخدامهن، ومن لم يجز له ملكهن لم يكن له استخدامهن تلك المدة، وتكون خدمة ذلك العبد والأمة في تلك المدة لهما دون من وهبت له.