للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما استعار له فعطبت به فهو ضامنٌ؛ وإن كان مثله في الضرر لم يضمن كحمله عدسًا مكان حنطةٍ أو كتانًا أو قطنًا مكان بز.

وفي سماع سحنون قال: وروى علي بن زياد: من استعار دابةً إلى بلدٍ فركبها إلى غيره فعطبت، فغن كان ما ركبها إليه مثل الأول في السهولة لم يضمنها.

ابن رشد: هذا يدل على أنه غير متعدٍ بذلك، وأن له أن يفعله ولابن القاسم في المبسوطة أنه ضامنٌ بركوبها لغير ما استعارها إليه، وهو الآتي على قولها في الرواحل من أكرى دابةً لبلدٍ ليس له أن يركبها إلى غيره، وله في آخر رسم سماع ابن القاسم من الجعل والإجارة: اختلف فيمن استعار دابةً لموضعٍ فركبها إلى مثله في الحزونة والسهولة والبعد فهلكت فروى علي لا ضمان عليه، وقاله عيسى بن دينارٍ في المبسوطة، وقال ابن القاسم فيها: أنها ضامنٌ.

وظاهر لفظ المدونة: إذا حمل ما هو أضر أنه يضمنها مطلقًا، وهو ظاهر كلام عبد الحق: إذا أعاره ليحمل عليها شيئًا فحمل ما هو أضر واختار ربها تضمينه الكراء، فإن كان كراء مثل ما إذن له فيه عشرة وكراء مثل ما حمل عليها خمسة عشر غرم خمسة.

قلت: فظاهر قوله فاختار أنه مخير في تضمينه قيمتها سواء كان هو أضر مما تعطب في مثله أم لا.

وقال الصقلي: إن كانت مما تعطب في مثله فعطبت، خير رب الدابة في تضمينه قيمتها يوم تعديه ولا شيء له غير ذلك وفي أخذ كراء فضل الضرر، ثم ذكر في تقدير فضل الضرر ما تقدم لعبد الحق قال: وإن كان ما حمل عليها لا تعطب في مثله فليس له إلا كراء الزيادة.

قلت: ظاهر كلام عبد الحق وغير واحد من الشيوخ خلافه وأنه ضامنٌ وإن كان ما حمل عليها لا تعطب في مثله.

وفي النكث أيضًا في كتاب الرواحل: إن جاوز المكتري المسافة بقليل أو كثير ضمن بخلاف زيادة على الحمل فإنه يفرق فيها بين كون الزيادة مما تعطب في مثلها أو لا؛ لأن منابه التعدي في المسافة ممتاز من المأذون فيه، والزيادة في الحمل غير ممتازة.

<<  <  ج: ص:  >  >>