عبد الحق: قوله يعطيه ما أنفق، وفي باب آخر قيمة ما أنفق يحتمل ثلاثة أوجه: القيمة فيما أخرج من عنده من آجر وجيارٍ ونحوه، وما أنفق إذا أخرج ثمنًا اشترى به هذه الأشياء.
الثاني: القيمة فيما طال أمده؛ لأنه تغير بانتفاعه، وما أنفق فيما قرب جدًا فلا يكون اختلاف قول.
الثالث: أن ما أنفق يعطيه فيه عدد الدنانير التي أنفق إن كان لم يغبن أو غبن يسيرًا وقيمة ما أنفق يعطي القيمة بالعدل لا يحسب ما يتغابن الناس بمثله، وعلى هذا يكون اختلاف قول، وكل هذه الوجوه تأول فيها الصقلي هذا التأويل.
والأول محتملان، وأما الآخر فخطأ؛ لأنه إنما يعطيه قيمة ما أنفق يوم البناء، ولا يراعى تغير أو لم يتغير، ولو عكس هذا كان أولى؛ لأن ما تقادم وتغير القيمة فيه يوم البناء متعذرة لتغيره، ولا يتحقق كيف حاله يوم البناء، فيجب أن يعطيه ما أنفق نقدًا، وما كان بالقرب لم يتغير فالقيمة فيه متحصلة، فإذا أعطيها لم يظلم؛ لأنها متوسطة بين ما غبن أو غبن كيف، وهو إذا طال الأمد ينقص فيه فهو يخرجه ويعطيه قيمته مقلوعًا.
وفيها: من ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه أعاره إياها، وقال ربها بل أكريتها مني، قبل قول ربها إلا أن يكون مثله لا يكري الدواب لشرفه وقدره.
وفي الجعل والإجارة منها: إن ادعى رب المتاع أن الصنع عمله له باطلًا، وقال الصانع: بل بأجر كذا، صدق الصانع فيما يشبه من الأجر، وإلا رد لأجر مثله.
قال غيره: يحلف ويأخذ الأقل مما ادعى أو من أجر مثله.
عبد الحق: على قول ابن القاسم إن ادعى الصانع ما يشبه فلا يمين على رب المتاع، وإن ادعى ما لا يشبه حلف رب المتاع ليسقط ما ادعى الصانع من التسمية على أجر المثل وعلى قول غيره، ويأخذ الأقل مما ادعى رب المتاع إن فضلت التسمية على أجر المثل لم ليسقط الفضل، وإن ادعى الصانع مثل أجر المثل فأقل فلا حلف على رب المتاع إنما يحلف الصانع وحده.
وفي أكرية الدور منها: ومن أسكنته دارك ثم سألته الكراء، فادعى أنك أسكنته