وسمع ابن القاسم: من استعار دابة وقال أعرتنيها لبلد كذا وكذا، وقال ربها بل إلى بلد كذا وكذا فإن أشبه ما قال المستعير فعليه اليمين.
ابن القاسم: هذا إن ركب المستعير ورجع، وإن لم يركبها فالقول قول صاحب الدابة، وكذا ابن رشد: من أخدم رجلًا خادمًا أو أسكنه منزلًا.
ابن راشد: لا خلاف أن القول قول المعير إن اختلفا قبل الركوب أو بعد الوصول لما أقر به المعير.
اللخمي: إن اختلفا قبل الركوب فالقول قول المعير مع يمينه كان اختلافهما في ناحيتين أو في زيادة مسافة، ثم المستعير بالخيار في ركوبها إلى ما حلف عليه المعير أو يترك إلا أن يخشى منه التعدي بها حيث ادعى فلا تسلم له إلا بتوثق منه لئلا يتعدى، وإن اختلفا بعد الركوب ففيها مع سماع ابن القاسم: القول قول المستعير إن أشبه.
زاد ابن القاسم في العتبية: عطبت أو اعتلت.
اللخمي عن أشهب: يقبل قوله في نفي الضمان وقول المعير في الكراء، ويتخرج فيها قبول قوله فيهما من أحد القولين أن القول قول الآمر فيما اشترى المأمور خلافه أحرويًا؛ لأن المستعير يجر نفعًا لنفسه بخلاف الوكيل.
قلت: عزا هذا القول ابن رشد في السماع المذكور لابن القاسم في الدمياطية، ونصها: من استعار ثوبًا فحبسه شهرًا وجاء به، وقد تغير فقال ربه: إنما أعرتك اليوم واليومين، وقال المستعير: بل إلى أن أقدم من سفري إن كان ربه حاضرًا معه لا يسأله عنه، فالقول قول المستعير ويحلف، وأما السفر فهو متعدٍ إن حلف صاحب الثوب، والخلاف في المسألة إنما هو إن غاب المستعير عن المعير بالدابة أو الثوب ثم قدم بهما.
قلت: لا يخفى على منصف ضعف أخذ ابن رشد القول الذي خرجه اللخمي من مسألة الدمياطية، وهذا؛ لأنه لا خلاف أنه لا يكون القول قول المستعير إلا بقيد الشبه.
وقوله في مسألة الدمياطية: إنما قاله ابن القاسم؛ لأنه رأى أن دعواه السفر غير شبهة؛ ولذا فرق بين الحضر والسفر.