قال بعضهم: وكذا يجب على قول ابن القاسم كما في مسألة عبد الرحيم، وقال غيره: إنما ضمنه في هذه؛ لأنه لا يقطع بكذب المعير إذ لا حقيقة عنده مما قاله الرسول، وفي مسألة عبد الرحيم هو مكذب للمعير.
قلت: عزا الصقلي هذا الجواب لبعض أصحابنا عن بعض شيوخنا وقال: لو عكس كان أولى؛ لأن مسألة عبد الرحيم المعير فيها يحقق تكذيب المستعير، وفي هذه لا يحقق تكذيبه فهو أحرى أن يقبل قول المستعير ولا يضمنه بالشك، ألا ترى أنهم قالوا في المودع يدعي رد الوديعة أن القول قوله مع حلفه، وإن لم يتهم لدعوى رب الوديعة تكذيبه، ولو قال ضاعت صدق إن كان غير متهم بغير يمين؛ لأن ربه لا يدعي تكذيبه، فبان أن من ادعى تكذيبه أشد.
وأيضًا من أصلنا إذا استوت دعوى الخصمين فالقول قول من ادعى عليه الضمان، وهو المستعير، وفي هذه المسألة استوت من دعواهما؛ لأن كلا منهما لا يدعي تكذيب صاحبه.
اللخمي: وعلى الرسول اليمين لهما أن الباعث أمره إلى فلسطين، فإن نكل غرم قيمة الدابة لربها، فيرد ربها للراكب ما أخذ منه إذ لا يجتمع له أخذ القيمة والكراء، ولأن نكوله لرب الدابة نكول عن دعوى الآمر أنه لم يأمره إلا إلى برقة؛ لأن الراكب يقول للرسول لو اعترفت لي بالتعدي غرمت القيمة ولم يكن علي شيء، وإن صدق الرسول الآمر حلف لرب الدابة أنه لم يقل للرسول إلا إلى برقة، فإن نكل حلف رب الدابة أنه لم يقل له إلا إلى فلسطين وأغرمه قيمة الدابة ورد الكراء للراكب.
الصقلي عن ابن حبيب: من استعار دابة لحمل أو ركوب فردها مع عبده أو أجيره فعطبت أو ضلت لم يضمنها؛ لأن شأن الناس هذا، وإن لم يعلم ضياعها إلا بقول الرسول وهو مأمون أو غير مأمون ذلك سواء.
زاد في الواضحة: وكذا مبتاع الدابة على خيارٍ يبعث بها إلى بائعها.
الشيخ: لابن حبيب عن مطرف لا يقبل دعوى المستعير رد العارية التي يغاب عليها إلا ببينة ولو قبضها بغير بينة، وكذا ما لا يغاب عليه إن أخذه ببينة، وإن أخذه