وما عزاه ابن هارون لسحنون في المجموعة لم أجده له في النوادر ولا غيرها، وإنما له في المجموعة ما نصه: وليس بمنزلته أن لو لقيه ربه وقد عاد إلى بلده والمتاع بالبلد الذي نقله إليه، هذا له تضمينه قيمته، لأنه حال بينه وبينه.
قلت: وهذا خلاف مسألة لقائه بغير بلد الغصب، والغاصب لم يحدث به نقلا، لأن نقله كإتلافه، وإذا لم يتقله صار بضمانه إياه بمجرد غصبه كمدين به في ذمته مشروطاً عليه دفعه ببلد معين فلقيه ربه بعد حلول أجله بغير بلد قبضه، فالواجب عليه خروجه لدفعه له ببلد شرط قبضه أو توكيله على ذلك ثقة غيره.
وفيها: وما اغتصب أو سرق من دواب أو رقيق فا استعملها، وطال مكثها بيده أو أكراها فلا شئ عليه في ذلك إنما عين شيئه، وليس أن يلزمه قيمتها إذا كانت بحالها لم تتغير في بدن ولا ينظر لتغير سوق، وأما المكتري أو المستعير يتعدي المسافة تعديا بعيداً أو يحبسها أياما كثيرة ولم يركبها ويردها بحالها، فربها أخذ قيمتها يوم التعدي، أو أخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة، وله في الوجهين على المكتري الكراء الأول، ولولا ما قاله مالك لجعلت على السارق كراء ركوبه إياها وضمنته قيمتها إّذا حبسها عن أسواقها كالمكتري ولكني آخذ فيها بقول مالك، وقد قال جل الناس الغاصب والسارق والمكتري والمستعير سواء لا كراء عليهم، وليس عليهم إلا القيمة أو يأخذ دابته.
فقال ابن رشد في أول مسألة من نوازل عيسي: أما العبيد والدواب فلا يلزم الغاصب قيمته إلا بدخول نقصان في أبدانها، هذا قول ابن القاسم وفيه اختلاف كثير.
قيل: حوالة الأسواق بالنقص فوت يوجب قيمتها يوم الغصب، وقيل: طول الزمان، وإن لم تحل بنقص أو حالت بزيادة فوت، وإليه نحا ابن القاسم بقوله: ولولا ما قاله مالك لجعلت علي السارق والغاصب ما على المستعير والمكتري من ضمان القيمة بحبسه عن أسواقها، وقيل: إن حالت بزيادة فربها بتضمينه أرفع قيمتها، قاله ابن وهب