للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آدمي ولا إتلاف مال لغير الغاصب، وسبب الخلاف في هذا اعتبار أشد الضررين باعتبار ذات الضرر، ومن يلحقه من حيث كونه غاضباً وغير غاصب.

وكذا غصب خيط خيط به جرح إن لم يستلزم نزعه خوف إتلاف عضو آدمي محترم، أو حدوث مرض به مخوف، فإن لم يستلزم ذلك أو استلزم تأخير برءه فمختلف فيه بين الشافعية، ومن هذا الأسلوب لو أن كبشاً أدخل رأسه في قدر لغير ربه لا لتسبب من أحد مالكيهما لم يضمن أحدهما لصاحبه شيئاً، وهو من جرح العجماء، وكذلك دخول دينار في دواة غير ربه لا يمكن إخراجه إلا بكسرها، وكان شيخنا إذا حكي هذه المسائل يحكي أن جملين اجتمعنا في مضيق لا يمكن نجاة أحدهما إلا بنحر الآخر، فحكم بعض القضاة بنحر أحدهما ويشتركان في الباقي كالمطروح من السفينة لنجاتها.

وفيها: إن عمل الغاصب الخشبة باباً فعليه قيمتها، وإن غصب أرضاً فغرسها أو بني فيها ثم استحقها ربها، قيل للغاصب: اقلع الأصول والبناء إن كان لك فيه منفعة إلا أن يشاء رب الأرض أن يعطيه قيمة البناء والأصل مقلوعاً، وكل ما لا منفعة فيه للغاصب بعد القلع كالجص والنقش فلا شيء فيه، وكذا ما حفر من بئر ومطمر فلا شيء له في ذلك.

قلت: تقدم في العارية حكم قيمته مقلوعاً، وسمع ابن القاسم في كتاب الجنايات: من خصي عبداً فنقصه ذلك فعليه ما بين القيمتين كجراحه، وإن زاد فيه نظر إلى ما ينقص من مثله من أوسط صنفه فيحمل عليه، فإن كان عشراً كان ل عشر ثمنه.

ابن رشد: تأوله بعضهم على أنه إن زاد الخصاء في ثمنه الثلث، فعلى الجاني ثلث قيمته، وإن زاد فيه مثل ثلثه أو أكثر غرم جميع قيمته وهو بعيد في المعنى، وإن ساعده اللفظ، وإنما معناه أنه ينظر إلى ما ينقص منه الخصاء الذي زاد في قيمته كم كان ينقص منه لو لم يرغب فيه من أجل خصائه أنه لا شيء في نقص الخصاء بعض منافعه، فأراد في الرواية أن ينظر إلى ما نقص منه الخصاء لو لم يرغب فيه لأجل خصائه.

وقال سحنون: إن زاد فيه نظر إلى عدد من ينقص منه الخصاء، فيقال: ما ينقصه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>