وفي المقدمات: اختلف في غلة المغصوب، فقال أشهب: حكمها حكم المغصوب يلزمه قيمتها يوم قبضها أو أكثر ما انتهت إليه وإن تلفت بأمر سماوي، ومن قال: حكمها خلاف حكم المغصوب اختلفوا بعد إجماعهم على أنها إن تلفت ببينةٍ لم يضمنها، وإن ادعى تلفها لم يصدق وإن يصدق وإن كان مما لا (يغاب) عليه.
وتحصيل اختلافهم أن ما تولد من المغصوب على هيئته وخلقته وهو الولد فإن الغاصب يرده، وما تولد عنه على غير هيئته وهو الثمر والعنب واللبن والصوف وشبهه في كونه للغاصب ووجوب رده قولان، وإن تلف المغصوب خير ربه في أخذ قيمته، ولا شيء له في الغلة وأخذ الغلة دون قيمته، وما كان غير متولدٍ وهي الأكرية والخراجات في وجوب ردها ونفيه، ثالثها: يرد إن أكرى أو انتفع لا إن عطل، ورابعها: إن أكرى لا إن انتفع أو عطل، وخامسها: الفرق بين الحيوان والأصول.
ابن شاس: منفعة البضع لا تضمن إلا بالتفويت، [ففي الحرة مهر المثل ولو كانت ثيباً، وفي الأمة ما نقصها، وكذا منفعة بدن الحر.
قلت: قوله لا يضمن إلا بالتفويت] هو مقتضى قولها في السرقة وسائر الروايات إن رجع شاهداً الطلاق بعد البناء فلا غرم، وكذا في معتمدة إرضاع من يوجب رضاعها فسخ نكاحٍ، واختصره ابن الحاجب: فقال ابن عبد السلام: فمن منع حرةً أو أمةً التزويج لم يضمن صداقاً، لا أعلم فيه خلافاً، وتقدم في كتاب النكاح ما قد يتخرج منه خلافٌ لبعض الشيوخ.
قلتُ: ما أشار إليه من التخريج لا أعرفه لأحدٍ، ولا أعرف في النكاح ما يناسب هذا الأصل، وهو منع متعة النكاح تعدياً، إلا قول اللخمي في الفصل الثالث من باب الطلاق قبل البناء في النكاح الثاني قال ما نصه في «الموازية»: إن قتل السيد أمته قبل البناء فله الصداق، وعليه إن قتلت الحرة نفسها فلها الصداق، وهذا كقولها إن باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جماعها فله الصداق، ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئاً إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة.