البناء منقوضًا مقلوعا، فاشتكى ذلك بعد موت الحاكم المذكور، فوقع في قضيته ما ذكرته في كتاب الأقضية، وكان أهل الإنصاف والمعرفة ينسبون القاضي للحكم بالشاذ الذي نقله المارزي، وكان هذا وأنا في ابتداء الطلب قبل تمكيني من الوقف على البيان والتحصيل والنوادر، ثم تمكنت من مطالعتها، فوجدت الصواب ما حكم به الحاكم؛ لأن المنصوص حسبما أذكره أن البناء إذا كان من بناء الملوك وذوي الشرف أن القيمة فيه منقوضا مقلوعا.
فقال لي الفقيه أبو القاسم الغبريني: لو كان كذلك لضمنه في تسجيل حكمه بذلك، فقلت له: إنما ذكرت هذا لقصور من انتصب لإمضاء حكم الحاكم المذكور، ولم يعتل إلا بأنه من قضاة العدل الذين لا ينبغي أن تتعقب أحكامهم وسأذكرها في كتاب الأقضية إن شاء الله تعالى.
والمنصوص هو سماع القرينين: من ابتاع دارا وعمرها ثم استحقت منه فلو ما أنفق فيها فيما عمر من عمل الناس، فأما بنيان الأمراء فلا أدري ما هو.
ابن رشد: تضعيفه أن يكون له رجوع فيما بنى من بنيان الأمراء صحيح؛ لأنه أتلف ماله فيما لا يسوغ له من السرف المنهي عنه.
قلت: وذكرها الشيخ في نوادره وزاد: ورواها ابن نافع في المجموعة، وقال: قال ابن نافع: إنما يغرم قيمة ما عمر لا ما أنفق كان البناء قليلا أو كثيرا، جيدا أو رديئا.
قلت: في حمل قول ابن نافع قليلا أو كثيرا على خلاق قول مالك في بناء الملوك نظر، وعدم نقله ابن رشد خلافا يرجح كونه وفاقا.
ومعروف المذهب أن رب الأرض إذا امتنع عن دفع قيمة البناء والغرس خير الباني والغارس في إعطائه رب الأرض قيمتها، فإن أبيا كانا شريكين في الأرض وعماراتها.
وقال المارزي: وروي عن مالك أنه إن أبى المستحق من دفع قيمة العمارة خير الباني والغارس على دفع قيمة الأرض، بناء على أنه بما أحدثه في الأرض قد فوتها به.
قلت: كذا ذكر المارزي هذه الرواية، وقال ابن رشد في رسم سماع القرينين في