وفي كون أخذه من مبتاعه أو بائعه بفسخ بيعه قولان، فعلى الأول بكونه بقيمته مقلوعاً أو ثمنه، ثالثهما: بالأقل منهما، وعلى الثاني في كونه بالقيمة أو الأقل قولان، كل ذلك تؤول عليها، وأظهرها إنما يأخذها من البائع بالأقل.
والأقيس أخذها من المبتاع بالقيمة، وتحصيل شرائه على الهدم والنخل على القلع في ست مسائل: الأولى: إن استحق أرضاً بيع نخلها أو نقضها على القلع في صحة بيعه، القولان على الأول: للمستحق أخذهما بقيمتهما مقلوعين فيها لنفي الضرر لا بالشفعة وتركهما، وعلى الثاني: يفسخ بيعهما، ولا سبيل عليهما للمستحق.
وقال سَحنون: إن كان بائعهما غاصباً فللمستحق أخذهما بقيمتهما مقلوعين أو أمره بقلعهما، وإن كان مشتريا فللمستحق أخذهما بقيمتهما قائمين ويرجع المشتري بثمنه، فإن أبى فللبائع إعطاء المستحق قيمة أرضه براحاً، فإن أبى كانا شريكين البائع بقيمتهما قائمين ورب الأرض بقيمتهما، وينتقض شراء المشتري فيما صار مستحق الأرض من النقض، ويمضي فيما صار منه للبائع إن صار له جلها لم يكن للمشتري أن يمسكه وإن كان جزءا معلوماً؛ لأن ما يصير له بالقسم منه مجهول إذ لا يقسم إلا مع الأرض على خلاف في هذا الأصل في غير ما كتاب منها.
وإن استحق نصف الأرض فللمستحق أخذ نصف النقض بقيمته مقلوعاً على قول ابن القاسم، والنصف الثاني: قول عبد الحق عن بعض شُيُوخه أنه يأخذه بالشفعة بنصف الثمن غير صحيح، إذ لا تجب الشركة بينهما فيه إلا بعد البيع فلا شفعة، والصحيح أخذه بقيمته مقلوعاً لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا ضرر ولا ضرار".
قُلتُ: الأظهر قول عبد الحق؛ لأن أخذ المستحق ما قابل نصف الأرض المستحق من النقض إنما هو سبب استحقاقه نصف الأرض فكأنه استحقه عملاً بإعطاء التابع حكم متبوعه في غير ما مسألة، وذلك ملزوم لتقرر شركته قبل البيع حكماً فتجب له الشفعة في نصفه، وقوله: يأخذها لنفي الضرر، غير صحيح؛ لأن ذلك إنما هو في نقض يكون عرصته ملكاً لآخذه، وعرصته هنا إنما هي للمستحق من يده لا للمستحق