قُلتُ: إن كان مراده هذا فالعبارة عنه إنما هي لفظ: إذا زاد المال على مائتين؛ فتأمله، وقوله: إنما يجري على متقدم قول ابن حبيب في رفع حكم القراض الأول بعد نضه بمجرد قولهما ذلك، والرواية على معروف المذهب مستقيمة فتعقبه تعقب عليه، ولو قسما ربح المال وقال: اعمل بما بقي قراضًا ففي كونه مؤتنفًا وبقائه على حكم الأول حتى يقبضه ربه قول ابن حبيب مع روايته عن مالك وأصحابه غير ابن القاسم وقولها مع محمد عن أصبغ بشرط قبضه على الصحة والبراءة ورواية أصحاب مالك.
الباجي: عن ابن مزين: إن أحضر المال وقبضه ربه على غير صحة، ثم رده في المجلس والفور قراضًا فهما على قراضهما يجبر الآخر بالأول إن كانت فيه وضيعة.
قال ابن عبد السلام: اختار غير واحد من المتقدمين والمتأخرين قول ابن حبيب وهو ظاهر الموطأ.
قُلتُ: انظر ما ذكره عن غير واحد: لا أعرفه، ومشاهير مؤلفي المذهب كالصقلي واللخمي والتونسي وابن رشد ونحوهم ليس لهم في ذلك شيء، وكذا نقله عن الموطأ؛ لأن لفظه ما نصه: قال مالك: لا يجوز للمتقارضين أن يتحاسبا ويتفاصلا والمال غائب عنهما حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال رأس ماله، ثم يقتسمان الربح على شرطهما.
ابن رشد: في رسم شك في طوافه: قال مالك في موطئه: لا أحب أخذ رب المال ربحه حتى يحضر المال كله ويحاسبه ويصير إليه، ثم إن شاء رده أو أمسكه، وظاهر الواضحة إن قسما الربح على غير محاسبة ولا اعتماد مفاصلة جاز؛ لأنه قال: إن فعلا ذلك وجاء في المال نقص جبر من الربح الذي قسماه.
قُلتُ: دلالة هذا اللفظ على المنع أقرب من دلالته على الجواز.
ابن حارث: اختلف إن دفع العامل لرب المال حظه ربحه من مال نفسه، ثم يستوفيه من مال القراض فسمع ابن القاسم: لا بأس به، وقال سحنون: لا يجوز إلا يدًا بيد وزنًا بوزن.