ما شرط لرب المال نصف إلخ المائتين ولمن قورض في المائة على الثلثين الثلث ولمن قورض في الأخرى على الثلث السدس، ووجه الكراهة على هذا أن العامل الأبصر لم يرض أن يكون له من الربح بقدر عمله إلا بما شرط عليه رب المال كأنه قال للمقصر: اعمل مع هذا على أن يكون لك من الربح ما له، وهذا القول أظهر؛ لأنه لو دفع إليهما المال قراضًا على غير شرط عملهما معا ثم اختلفا في قسم الربح لوجب قسمه على قدر ما كان يقارض به كلا منهما بحسب تبصره في التجر وقصوره.
قُلتُ: حمله قول ابن القاسم على الكراهة كعياض، فأما إن قارضهما معًا على أن حظيهما من الربح بينهما بالسواء سواء والعمل كذلك أو على أن يكون لأحدهما من الربح الثلث وللآخر السدس والعمل عليهما بقدر ذلك جاز على أصل قول ابن القاسم فيها، وكرهه في هذه الرواية إن فات بربح أو وضيعة مضى على شرطهما، وإن قارضهما على أن لأحدهما الثلث وللآخر السدس والعمل بينهما نصفين جاز على ما يدل عليه مذهب سحنون في اعتراضه على قول ابن القاسم، وهو أظهر، ولم يجز على قول ابن القاسم، قال فضل: القياس على مذهبهما ردهما لقراض المثل؛ لأنها زيادة داخلة في القراض، وقياس مذهبه ألا يرد لإجارة المثل؛ لأنه قال فيها: كأنه قال لأحدهما: اعمل مع هذا على أن لك ربح بعض عمل هذا بما اشترط رب المال من المنفعة لأحدهما، فكأنه شرطها لنفسه قرضه في جر النفع إليه، يبين ذلك قوله بعد هذا، وفي المدونة: إذا شرط على العامل أن يجعل معه من يبصره التجر، وقوله: إن كان كذلك يريد إن كان الشرط، وقوله: وللعامل فضل زيادة العمل الذي اشترط عليه بأجر مثله خلاف قوله فيها؛ لأنه لم يراع الشرط ولا أفسد به القراض إذ جعل الربح بينهما على شرطهما وأرجع من عمل بأكثر من جزئه من الربح بأجر مثله في الزائد وقصر الكلام فيه بين العاملين كالمتزارعين على الثلث والثلثين يستويان في العمل ويسلمان من كراء الأرض بما يخرج منها على مذهب ابن حبيب أنهما لا يحولان عن شرطهما.
وذكر التونسي سماع أصبغ عن الموازية وقال: ينبغي أن يكون هذا القراض فاسدًا؛ لأن ظاهر السؤال أن رب المال عاملهما على الفساد فيجب أن يكونا أجيرين