قولان لها عند بعضهم متأولًا قولها على أنه دفع المال، وخرج من يده، وللموازية مع ظاهرها على قولي أشهب وابن القاسم في عدم افتقار الرهن إلى التصريح به وافتقاره إليه، وقراض المثل إنما يتعلق بالربح، هذا معروف المذهب، وللقاضي عن ابن القصار: يحتمل على قول مالك أن يكون له ما يساوي قراض مثله وإن كان في المال وضيعة، قال القاضي: فالفرق بينهما على هذا أن إجارة المثل متعلقة بالإطلاق وقراض المثل متعلق بالشرط الذي شرطاه، وتفسيره أن يقال في الإجارة: لو استأجر رب المال من عمل له هذا العمل كم تكون أجرته فيكون ذلك للعامل، ويكون في القراض: إن كان العامل رضي بجزء كذا على هذا الشرط الفاسد كم ينبغي أن يكون له فما قيل هو قراض المثل؟ فقراض المثل على تأويل أبي الحسن راجع إلى إجارة المثل إنما يختلف ذلك على تأويله في صفة التقويم وهو بعيد.
قُلتُ: الفرق بينهما على قول غير ابن القصار واضح؛ لأن الإجارة العوض فيها محقق للعامل ويفرض له بقدر عمله لأجل معلوم وهو ما آل الأمر إليه، والقراض العوض فيه يحتمل الثبوت لتعلقه بالربح المحتمل الثبوت والنفي فلذلك يكون العوض في القراض أكثر منه في الإجارة وكذا على رأي ابن القصار؛ لأن ظاهر قوله أن العوض عنده إنما هو في المال لا في ذمة ربه والنافي لحصوله على رأيه أقل منه على رأي الجمهور؛ لأنه لا يبطل عقد بالوضيعة فضلًا عن عدم الربح ويبطل بتلف كل المال، وعند الجمهور يبطل ولو بعدم الربح، ففضل حظ العامل في قراض المثل على حظه في إجارة المثل على رأي الجمهور أعظم منه على رأي ابن القصار بحسب عادة أهل العمل في التجر فتأمله، وقول ابن رشد: قراض المثل على تأويل ابن القصار راجع إلى إجارة المثل إلخ غير صحيح؛ لأن مقتضى ما فرق به القاضي على رأي ابن القصار أن الواجب في الإجارة قيمة العمل الحاصل من العامل لا بقيد اعتبار ما قارن من الأمر الموجب للفساد، وفي قراض المثل قيمة عمله بقيد اعتبار ما قارن العقد من الأمر المذكور وقدر العوض فيهما يختلف بحسب كون الأمر المذكور للعامل أو عليه، وقال ابن شاس: قال القاضي من أصحابنا: من يجعل قراض المثل مع الربح وعدمه ويفرق