اللخمى: للعامل أن يساقى غيره وإن لم يعجز؛ لأن عمله فى الذمة يجوز دفعه لأمين، وإن لم يكن مثله فى الأمانة.
وسمع ابن القاسم: له أن يساقى من شاء على النصف أو الثلث.
ابن رشد: إن ساقى أمينا مثله فى الأمانة جاز اتفاقا، وإن كان أمينا دونه فى الأمانة أو غير مأمون إلا أنه مثله فى غيره الأمانة، فيتخرج على ماتقدم فى سماع عيسى من كتاب الشفعة.
قلت: قال فيه من اشترى شقصا بثمن لأجل، لشفيعه فيه الشفعة إن كان مليا دون المشترى فى الملاء بغير حميل يلزمه، قاله محمد، وقال أشهب: ليس له ذلك إلا بحميل مثل المشترى فى الملاء.
وقال ابن عبد السلام: فى قول ابن الحاجب له أن يساقى أمينا غيره، ظاهره أنه لا يحتاج إلى تساويها فى الأمانة، فإن أراد هذا فهو خلاف المدونة، ومقتضى النظر؛ لأن المطلوب كون الثانى مساويا للأول فى الأمانة والقوة على العمل.
فإن قلت: قوله فى المدونة: إن ساقى غير أمين ضمن، يدل على أنه لا يلزم مساواته فى الأمانة كما اختار اللخمى.
قلت: لا دلالة فى ذلك إنما جرى لفظه على عادته وعادة المتقدمين فى التمثيل بالجلى، ومثل قوله هنا قوله فى الرواحل: من اكترى دابة ليركبها فحمل مكانه مثله فى الخفة والأمانة لم يضمن، وإن أكراها ممن هو أثقل منه أو من غير مأمون ضمن، وله فى الإجازة مثل ما قلناه: من اكترى دابة لركوبه كره كراؤها من غيره كام مثله أو أخف، فإن أكراها لم أفسحه وإن تلفت لم يضمن، وإن أكراها فى مثل ما اكتراها فيه من مثله فى حاله وأمانته وخفته.
قلت: أول لفظها فى المساقاة يدل على شرط المساواة، وآخره يدل على الانتفاء بمطلق الأمانة، فكان بعض من لقيناه يحمل لفظها فى مثل هذا على أحد القولين منه إذا كانا منصوصين خارجها، وكان بعضهم يجعل آخر الكلام مفسرا لأوله وقاضيا عليه