صحيح على القول أن الزرع في المزارعة الفاسدة بينهما على ما اشتراكا عليه، ومن كان له فضل رجع به على صاحبه هو قول ابن حبيب إذا سلما من كراء الأرض بما يخرج منها، ويأتي على أن الزرع في الفاسد لصاحب العمل؛ لأنهما عملا معا، وعلى القول أن الزرع لصاحب البذر فيجب أن يكون لكل واحد ما أنبت قمحه، وإليه ذهب التونسي في هذه المسألة.
وقال ابن دحون: هذه المسألة مشكلة؛ لأن أبطل ما تراضيا به؛ لأنهما لما اشتريا القمح من السوق كأنهما اشتركا بالأثمان فردهما إلى تساوي الأثمان، إذ لو ضاع ما اشتراه أحدهما قبل شراء الآخر كان منهما؛ لأنه اشتراه للشركة التي عقداها فدل ذلك على أنهما إنما اشتركا بأثمان ما اشتريا فردهما للتساوي، ولو كان ثمن الرديء مثل ثمن الجيد لم يتراجعا إذا تراضيا، ولو كان ثمن الرديء أكثر من ثمن الطيب لرجع على صاحب الطيب بما فضله به إذا تراضيا أولا، ولو أخرج كل واحد القمح من داره لم يشتره وتراضيا بجيده ورديئه لم يكن لأحدهما رجوع في ذلك، إنما كان له الرجوع لما اشتريا من السوق، وهذا كلام محتمل لا وجه له؛ لأن لفظ الشركة يقتضي التكافؤ فيما يخرجانه، فإذا رضي أحدهما بعد عقد الشركة بأن يخرج صاحبه أدنى من الذي يخرجه فقد تفضل عليه بنصف ما زادت قيمة طعامه، وكان ذلك على القول بعدم لزوم العقد، كما لو شاركه على ذلك ابتداء فيجب فسخ شركتهما إلا أن تفوت بالبذر، فيكون لكل واحد ما أنبت قمحه على القول، بأن الزرع في الفاسد لرب البذر، ويكون الزرع بينهما على القول الآخر، ويتعادلان في قيمة ما أخرج كل منهما من الطعام اشتراه أو جاء به من عنده.
واستدلاله على الفرق بين الوجهين بما ذكره من الضمان لا يصح، إذ لا فرق بينهما في الضمان أيضا، ولو تلف بعد أن عرضه على صاحبه فرضيه وأجازه كان منهما على القول بأن الزرع بينهما ومن ربه الذي جاء به على القول بأن له ما أنبت دون شريكه لا فرق في كل ذلك بين أن يشتريه أو يأتي به.
وللصقلي عن ابن سحنون عنه: إن أخرج أحدهما الأرض واشترى من صاحبه