أن يكون صادقاً فيدخل في كل وجه بيع الزرع بطعام؛ لأنه إن زرع لنفسه فالزرع له لا يجوز أن يأخذ فيه طعاما من الشريك، وإن زرع للشريك فالزرع للشريك لا يجوز أن يسلفه بما له عليه من الطعام، ولذا المعنى: قال العامل في سماع أصبغ: ينتظر بالزرع حتى يدرس فيستوفى الوكيل بذره، والباقي لرب الأرض؛ لأنه له زرعه، هذا ما يجب به الحكم والقضاء، وأما الاستفتاء فيقال للشريك إن أيقنت صدقه أنه زرع لك من عنده فادفع له الطعام وخذ زرعك، وإن أيقنت كذبه في ذلك فلا يجوز لك ذلك، وإن جهلت ذلك فالخلاص ما قاله في سماع أصبغ، وسمعه سحنون أيضا في الأرض بين الرجلين يحرثانها معا أيام البذر فيغيب أحدهما فيبذرها الآخر، إن جاء صاحبه قبل فوت الزرع فله أن يزرع حظه من الأرض، لا يجوز أخذه فيها طعاما ولا ذهبا ولا أرضا يحرثها ولا متربة، فإن فات البذر فله على الذي بذرها كراء عمله الذي كان عمل.
ابن رشد: لم يبين كونه زرعها في مغيب شريكه لنفسه أو بينهما، والمعنى أنه زرع لنفسه؛ ولذا قال: من حق الغائب إن لم يفت إبان الزرع أن يزرع حظه من الأرض؛ يريد: بعد قسمها، ومثله في الموازية لابن القاسم قال: ولو اكترياها ليزرعاها بينهما فزرع أحدهما نصفها في غيبة الآخر، وطاب الزرع فهو له خاصة وعليهما كراء ما تعطل منها.
قال أصبغ: وعلى الزارع نصف قيمة كراء المزروع منها إن كان أكثر من الثمن، وما تعطل فهو عليهما وكراؤها كلها عليهما.
وقول ابن القاسم في هذا السماع: للغائب حرث حظه إن لم يفت إبان الحرث، مثل قوله في سماعه من كتاب الاستحقاق، أن له فيما بنى في أرض شريكه قيمته منقوضا إن صار في حظ شريكه خلاف قوله في سماع أبي زيد بعد هذا، وسماع عيسى من كتاب الشركة: أن الزرع لزارعه وعليه نصف كراء الأرض لشريكه؛ يريد: وإن لم يفت إبان الحرث مرة رأى الشركة شبهة، ومرة لم يرها شبهة، ومضى ذكر ذلك في سماع ابن القاسم في الاستحقاق.