كان مع مواضعها من الأرض جاز، وإن لم يشترط وشرط ترك الأصول في أرضه حتى تبلى لم يجز ذلك.
ابن رشد: للمغارسة سنة تخصها ليست محض إجارة، ولا جعل تشبه الإجارة بلزوم عقدها، والجعل موقف عوضها على ثبوت الغرس.
وسمع عيسى ابن القاسم: لو قال أستأجرك على غرس أرضي هذه كذا وكذا نخلة إن ثبتت فهي بيننا جاز، وهو جعل لا إجارة له الترك متى شاء، ولو ماتت لم يكن له شيء، ولو لم يكن جعلا ما جاز إذ لعله أن يعمل فيبطل ولا يقدر أن يخرج فيذهب عمله بغير شيء، ولو استأجره على أن يغرس في حائطه هذا كذا وكذا نخلة بنصف أرضه هذه لجاز، وكانت إجارة ولا ترك له حتى يفرغ من غرسه، فإن غرسها وغيبها في أرضه ثبت أجره ولو عطبت.
ابن رشد: قوله: (إن ثبتت فهي بيننا)، يريد: وما ثبت منها فهو أيضا بيننا بأرضه؛ لأنا لو حملناه على ظاهره فإن العامل لا يجب له شيء إلا بثبوت كل النخل، للزم إن ثبت بعضها فقط ألا يكون للعامل فيه شيء، وذلك باطل اتفاقا، ولم يلتفت إلى لفظ الإجارة في قوله أستأجرك لما شرط فيها العمل على حكم الجعل، وهو قوله فيها إنما ينظر مالك إلى الفعل لا القول.
وقوله: إن المغارسة في الأرض على جزء منها لا يجوز إلا على وجه الجعل بأن لا يلزم العامل التمادي وله الترك متى شاء بخلاف المشهور من أنها في الأرض على جزء منها جائز على لزوم عقدها لهما، وإن كان لا يحمله القياس قياسا على المساقاة، وإن كان فيه اعتراض؛ لأن شرط المجاعلة كون الجعل فيها معلوما، والجعل في هذه المغارسة غير معلوم؛ لأنه الجزء الذي شرط له من الأرض بعد غرسها ولا يدري كيف يكون الغرس.
وشرط صحتها: كون الأرض والشجر بينهما وأن تؤقت بشباب قبل الإطعام، في سماع حسين بن عاصم، قلت لابن القاسم: ما حد الشباب الذي وصف مالك.
قال: حد الشجر في ارتفاعها؛ يريد: قدرا معلوما كالقامة ونصفها، وما أشبه ذلك