لفظ ابن الحاجب على ظاهره؛ لأن الوصف إنما يكون مقدرا في مسألة إذا لم تكن مصورة على حصوله فيها، والمسألة المذكورة في كلام ابن الحاجب إنما هي مصورة على عدم استعمال المكتري مدة الحبس.
قال ابن الحاجب: ولو كانت المدة غير معينة فحبسها فكذلك والكراء الأول باق، وذكرها ابن شاس وقال: عليه كراء المثل لمدة حبسها، والكراء الأول باق، ولو استعملها في غير ما استأجرها له فعليه كراء المثل فيما استعملها فيه والكراء الأول باق.
ابن عبد السلام: يعني لو اكتراها لسفر معين، ولم يبين أول زمان خروجه فحبسها لزمه في مدة حبسها ما ذكره فوق هذا من القولين، وقد يقال يفسخ الكراء الأول؛ لأن المدة وإن لم يعيناها فهي تتعين بمقتضى الحال؛ لأنهما لو تنازعا الحكم لمن أراد الاستعمال أثر العقد على مقتضى العرف.
قلت: ما ذكره ابن شاس وابن الحاجب من بقاء العقد هو مقتضى الأصول كمن أسلم إلى رجل في قميص فأخذ المسلم إليه عمامة تعديا وأتلفها، فإنه يلزمه عزم قيمة العمامة والسلم بينهما باق، وقول ابن عبد السلام: وقد يقال يفسخ الكراء إلى آخره، يرد بأن تعيين زمن اقتضاء المنفعة إذا ذكر تابعا للمنفعة لم يوجب فوته فسخ العقد بحال، وما ذكره من التعيين بمقتضى الحال إن سلم إنما هو من التعيين التابع للمنفعة لا من التعيين المساوي لتعيين المنفعة.
وإنما قلت: هذا التفصيل لنص قول ابن القاسم إن اكترى دابة بعينها لبلد ليركبها في غده فأخلفه المكتري فليس له إلا ركوبه أو يكريها من مثله إلى البلد، وإن أكراها أياما معينة انتقض الكراء فيما غاب منها، وقد تقدم نحو هذا حيث قلنا فرق بين اعتبار الخص لتحصيل أعمه وبين اعتباره لتحصيل عينه فوته في الأول لا يبطل العقد على أعمه، وفوته في الثاني يبطله، ووجه التفرقة واضح.
وفيها: إن تغيب الحمال يوم خروجك فالكراء باق في كل سفر في كراء مضمون إلا الحاج، فإنه يفسخ ويرد ما انتقد لزوال إبانه، وقاله مالك في كراء دابة معينة ليركبها إلى موضع كذا في عيد فيغيب ربها، ويأتي بها بعد يومين أو ثلاثة ليس له إلا ركوبه قال