بقوله إن أتيتني بعبدي الآبق فلك عمله كذا أو خذ منه شهرًا؛ لأنه جعل فاسد لجهل عوضه والمعروف حقيقته المعروضة للصحة والفساد وأوجز منه معاوضة على عمل آدمي يجب عوضه بتمامه لا بعضه ببعضه فتخرج المساقاة والإجارة لاستحقاق بعضه ببعض فيهما، والقراض لعدم وجوب عوضه لجواز تجره، ولا ربح.
وقول ابن رشد: هو جعل الرجل جعلا على عمل رجل إن لم يكمله لم يكن له شيء، وينتقض بالقراض.
روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعل أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء فهل عند أحد منكم من شيء.
فقال بعضهم: والله إني لراقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ الحمد لله رب العالمين فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي، وما به قلبة. قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر الذي كان فننظر ما يأمر، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك، فقال: وما يدريك أنها رقية، ثم قال: لقد أصبتم اقسموا لي واضربوا لي