ابن رشد: معنى قول مالك: ينظر إلى قيمة ما نتفع به من عمل الأول أن ينظر على ما جعل من تمامها للثاني، وعلى ما كان بجعل على حفر كلها لو لم يتقدم فيها حفر يومه ذلك فيكون للأول ما زاد على ذلك على تمامها للثاني؛ لأنه الذي انحط عنه لعمل الأول، وكذا لو أتمها باستئجار فللأول فضل ما يستأجر به على حفر جميعها على ما استأجر به على حفر تمامها، ولو كان أكثر من الجعل الأول، وهو أظهر من قول ابن القاسم وابن كنانة؛ لأنه لما كان لا يجب عليه شيء إن لم ينتفع وجب أن لا يكون عليه إن انتفع إلا قدر ما انتفع به، وإنما يشبه أن يكون عليه قيمة عمله يوم انتفع به أو يوم عمله، إذا انتفع به كما هو دون أن يتمه بإجارة أو جعل في وجه من وجوه المنافع من كنيف يحدثه وشبه ذلك.
والقياس أن يكون له في هذا بحساب ما عمل من جعله الذي جاعل عليه، وشبه هذا الدلال يجعل له الجعل على شيء فيسوقه، ثم يبيعه ربه بغير حضرته، ولو باعه له دلال آخر بجعل أخذه منه كان الجعل بين الدلالين بقدر عنائهما؛ لأن الدلال الثاني هو المنتفع بتسويق الأول دون رب السلعة إذ أدى للثاني جعلًا كاملًا لم ينقص منه بسبب الأول شيئًا، وهو قياس سماع عيسى في كتاب اللقطة فيمن جعل لرجل جعلًا في طلب آبق فيجده فيأتي فينفلت منه، ويذهب ويجعل ربه عليه جعلًا آخر لرجل آخر فيأتي به أنه إن أفلت بعيدًا نمن مكان ربه فالجعل كله للثاني، ولا شيء فيه للأول، وإن أفلت قريبًا من مكانه فالجعل بينهما على ق ٤ در شخوص كل واحد منهما بقدر ما يرى.
اللخمي: إن أتى المجعول له بالعبد فأبق منه في بعض الطريق فلا شيء له من الجعل، ولا من نفقته عليه، فإن ترك العمل فجعل ربه فيه لآخر بعد أن رجع للموضع الذي أخذ منه أو قربه، وجعله للثاني في طلبه من مثل الموضع الذي هرب منه كان للأول بقدر ما انتفع به سيده، وإن جاعل الثاني على طلبه حيث يجده قرب أو بعد والجعل الآن مثل الأول فلا شيء للأول، وإن كان الثاني أقل؛ لأنه لا يطلبه إلا في المواضع القريبة فللأول بقدر ما انتفع به في طلبه.