رجوعه لوقت هلاكه، ولربه عليه قيمة نصف عبده يوم قبضه، وهو جعل فاسد على سمع ابن القاسم من جاعل في آبق له فقال: إن وجدته فلك كذا وكذا، وإن لم تجده فلك نفقتك وطعامك وكسوتك لا خير فيه.
ابن القاسم: إن وقع فله جعل مثله إن وجده، وإن لم يجده فله أجر مثله.
أصبغ عن ابن القاسم: لا أجر له.
ابن رشد: في رد فاسد الجعل لحكم نفسه إن أتى به فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له أو الحكم الإجارة له أجر مثله، وإن لم يأت به، ثالثها: هذا إن التزم له عوض، وإن لم يأت به كهذه المسألة، وإلا فالأول وجه الأول بناء على جعل دليل الجعل أصلا في نفسه، والثاني على جعله إياه نوعا من الإجارة إجارة ذات غرر بشروط، والثالث على أن لزوم العوض في حالتيه قوي شبهه بالإجارة، وهذا أظهرها، واختاره ابن حبيب، وحكاه عن مالك والأخوين.
والأقوال الثلاثة راجعة لأصل جارية على قياس، وقول ابن القاسم في هذا السماع: له جعل مثله إن وجده، وأجر مثله إن لم يجده لا يرجع لأصل، ولا يجري على قياس، وكذا قوله في المدونة: في إن جئت بعبدي الآبق فلك نصفه له أجر مثله إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل له، ولا إجارة لا حظ له في نظر ولا قياس.
ابن عبد السلام: معنى قوله فيها: إن جاء به فله أجر مثله أنه إن أتى به، وإن لم يأت به فلا جعل، ولا إجارة عند المحققين جعل مثله؛ لأن أجر المثل يجب، ولو لم يزظهر لعمله فائدة، وجعل مثله لا يجب حتى يظهر له فائدة، وهي الإتيان بالآبق، ولما علق وجوب العوض منه على إتيانه به دل على أنه أطلق لفظ الأجر على الجعل مجازًا.
قُلتُ: ما عزاه للمحققين هوما تقدم لعبد الحق، وهو خلاف ما تقدم لابن رشد، ودليل ابن رشد قوله في المدونة: لا جعل له، ولا إجارة فعطفه الإجارة على الجعل ظاهر في عدم إرادته بالإجارة الجعل.
اللخمي في الموازية: من جعل في آبق أو في اقتضاء دين جعلا، فإن لم يجده أو لم يقبض الدين فله نفقته فسد، وإن وجده أو اقتضاه فله جعل مثله، وإلا فلا شيء له.