للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلتُ: هذا الحكم في هذه الصورة لا أعرفه لأحد من أهل المذهب بحال لكن مسائل المذهب تدل على صحته منها قولها: لمن حفر بئرًا منع من أراد أن يبني أو يحفر بئرًا في حريمها، ولو لم يكن على البئر من حفر بئر أخرى ضرر لصلابة الأرض لما يضر بهم في مناخ الإبل، ومرابض المواشي عند ورودها، ونحو هذا في الأمهات كثير، وتبعا في نص لفظها.

الغزالي: قال في وجيزه: وأما الدار فإن كانت في موات فحريمها مطرح التراب والثلج ومصب الميزاب، والممر في صوب الماء.

ابن الحاجب تابعًا لابن شاس: والمحفوفة بألملاك لا تختص، ولكل الانتفاع بملكه وحريمه.

قُلتُ: في تسويته الانتفاع بحريمه، وملكه بمجرد عطفه عليه نظر؛ لأن مسمى حريمه المغاير لمسمى ملكه لعطفه عليه إنما يصدق على الفناء، وليس انتفاعه كانتفاعه بملك يجوز كراؤه مطلقًا، وأما فناؤه فسمع ابن القاسم لأرباب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضيق على المارة أن يكروها.

ابن رشد: لأن كل ما للرجل أن ينتفع به كان له أن يكريه.

قُلتُ: وهذه الكلية غير صادقة؛ لأن بعض ما للرجل أن ينتفع به لا يجوز له أن يكريه كجلد الأضحية، وبيت المدرسة للطالب ونحوه، وفناء الدار، وهو ما بين يدي بنائها فاضلًا عن ممر الطريق المعد للمرور غالبًا كان بين بابها أو غيره، وكان بعض شيوخنا يشير؛ لأنه الكائن بين يدي بابها، وليس كذلك لقولها في كتاب القسم، وإن قسما دارًا أن يأخذ كل واحد طائفة فمن صارت الأجنحة في حظه فهي له، ولا تعد من الفناء، وإن كانت في هواء الأفنية، وفناء الدار لهم أجمعون الانتفاع به.

ابن رشد: إثر كلامه السابق، وهذا لا أعلم فيه خلافًا، ولا يباح لذى الفناء أن يدخله في داره، فإن فعل وهو يضر بالطريق هدم عليه، ورد كما كان، وإن كان لا يضر ففي تهدمه كذلك قولان لسماع زونان ابن وهب مع أشهب، وأصبغ مع سماعه أشهب: والقائلون بالأول أكثر، والثاني أظهر، ونزلت بقرطبة فأفتى ابن لبابة وأيوب

<<  <  ج: ص:  >  >>