قال: وإن كان كفاية لمائتى شاة، أولجميع زرع أحدهما، ونصف الآخر اقتسماه أثلاثاً.
قُلتُ: يريد: أن غنم أحدهما ضعف غنم الآخر، والماء يكفي غنم أكثرهما فقط كذي مائتين مع ذي مائة، والماء يكفي مائتين فقط، ولا يتوهم قسمه بينهما أرباعاً على قاعدة اعتبار التسليم في التداعي بتسليم ذي المائة نصف الماء؛ لأن ذلك إنما كان في التداعي لدعوى أحدهما تحقيق ملكه كل المدعى فيه، واستحالته هنا بل هذه كمن أوصى لولد أخيه بعشرة، ولكل من ولدي أخيه الآخر بعشرة عشرة، ولم يترك إلا ما ثلثه عشرون، فهي بينهم أثلاثاً اتفاقاً لا أرباعاً.
قال ابن رُشْد في البيان: إن اجتمع أهل الماء والمارة والماء يكفيهم بدئ أنفس أهل الماء، ثم أنفس المارة، ثم دوابهما، كذلك، ثم مواشي الناس، وبدأ أشهب دواب المسافرين قبل دواب أهل الماء، وإن لم يكف جميعهم وتبدئة أحدهم بجهد الآخرين بدئ من الجهد عليه أكثر بتبدئة صاحبه، فإن استووا في الجهد، فقيل: يتواسون في ذلك، وقيل: يبدأ أهل الماء لأنفسهم، ودوابهم، وعزا في المقدمات الأول لأشهب، والثاني لابن لبابة قال: ولو خيف على البعض بتبدئة البعض أخذ أهل الماء؛ لأنفسهم قدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضل أخذ أهل الماء لدوابهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، فإن فضل فضل أخذ المسافرون لدوابهم بقدر ما يذهب الخوف عنهم، ولا خلاف في هذا الوجه والبئر والماجل والجب عند مالك سواء.
وقال المغيرة: لرب الماشية منع فضل صاحب الماشية.
قال في المقدمات: لأن نفقة الجب كثيرة، وليس بمعنى كالبثر إذا ترف منه شيء عاد مثله فلا يحمل على أنه أراد الصدقة إلا ببيان، بخلاف البئر، ولو أشهد عند حفرها أنه يحفرها لنفسه لم يمنع من بيع مائها، واستحقها ملك بالإحياء، وقولها: أكره بيع ماء بئر الماشية، وقوله في المجموعة: لا يجوز ذلك قبل اختلاف قول والصحيح عوده لنهيه حفره للصدقة أو غيرها.