قال مالك: فيمن له على رجل حق فجحده فصالحه وشهوده غيب فأشهد في السر أنه إنما يصالحه، لأنه جحده فخاف ذهاب حقه، وأنه على حقه إن حضرت بينته أن الصلح يلزمه، ولا ينتفع بذلك.
وقال: أَصْبَغ: ينتفع في الغيبة البعيدة وللتحرز من هذا الخلاف يكتب في الاصطلاحات، وأسقط عنه الاسترعاء والاسترعاء في الاسترعاء، ومن الكتاب من يزيد ما تكرر وتناهى، ولا معنى له؛ لأن الاسترعاء هو أن يشهد قبل الصلح سراً إنما يصالح لوجد كذا، وأنه غير ملتزم للصلح والاسترعاء في الاسترعاء أن يشهد أنه لا يلتزم الصلح، وأنه متى صالح، وأشهد على نفسه في كتاب الصلح أنه أسقط عنه الاسترعاء في السر، فإنه غير ملتزم ذلك، ولا يسقط عنه القيام به، فلا يتصور في ذلك منزلة ثالثة.
وهذا الاسترعاء في السر إنما يقع عند من رآه نافعاً فيما خرج على غير عوض، وما خرج على عوض لا ينفع فيه اتفاقاً.
قال ابن الحاجب كابن شاس: ولا يشترط التنجيز كقوله: إن جاء رأس الشهر فهو وقف.
ابن عبد السلام: كمعتق لأجل في الأمة والعبد لا يضره استحداث سيده ديناً قبل الأجل، وذلك يضر عقده الحبس.
قُلتُ: ما قاله ظاهر إن لم يجز الحُبُس عنه، ولو حوزه عنه، فإن بتل منفعته في الأجل لغيره لم يضره حدوث الدين، وإن أبقاها لنفسه بطل بحدوث الدين على المشهور في لغو حوز المستأجر لغيره، وعلى إعماله لا يبطل به.
والروايات واردة بإطلاق لفظ الحُبُس على ما حبس مدة يصير بعدها ملكاً لمن حبس عليه أو على غيره، أو راجع لمحبسه، وهو مجاز لكونه على المؤبد حقيقة اتفاقاً دفعاً للاشتراك.
الشَّيخ في الموازيَّة والمجموعة عن عبد الملك: من قال: داري حبس على عقبي، وهي لأحدهم ملك فهي لآخرهم كذلك، وقيل: ذلك محبسة إن كان آخرهم امرأة فلها