لا أب له يحوز نسبه إليه ثبوته فيمن له أب يحوز نسبه، ولاعتبار هذا المعنى من حيث ذاته كان المذهب في ولد الملاعنة المعتقة جرها ولاء ولدها لمعتقها ما دام غير مستلحق، فإن استلحقه أب بطل جرها، وشاع في أوائل هذا القرن على ما بلغني الخلاف فيمن أمه شريفة وأبوه ليس كذلك هل هو شريف أم لا؟
فأفتى الشيخ أبو علي منصور المدعو بناصر الدين من فقهاء بجاية بثبوت شرفه وتبعه جل أهل بلده.
وأفتى الشيخ أبو إسحاق بن عبد الرفيع قاضي بلدنا تونس بعدمه.
وسمعت شيخنا ابن عبد السلام يصرح بتخطئة مثبته متمسكًا بالإجماع على أن نسب الولد إنما هو لأبيه لا لأمه.
وقاله بعض من لقيت من الفاسيين: وقال: يلزم عليه أنه لو تزوج يهودي أو نصراني بعد عتقه وإسلامه شريفًة أن يكون ولده منها شريفًا، وهذا لا يقوله منصف أو مسلم؛ أنا أشك.
وألف الفريقان في المسألة وأقوى ما احتج به الأولون تمسكهم بما تمسك به ابن العطار: و [ان أصل الشرف من فاطمة رضى الله عنها، وهو بنسبة الأمومة لا بنسبة الأبوة.
قلت: والحق أن ابن الشريفة له شرف ما عن منزلة من أمه ليست بشريفة لا الشرف العرفي، وتمسكهم بما تمسك به ابن العطار يرد بما تقدم.
وتمسكهم بالقياس على ثبوته بالنسبة إلى فاطمة بجامع أنه شرف ثبت بولادة الأم يرد بأنه إنما ثبت بهذه النسبة فيمن ثبتت نسبته إليها بنسبة الأبوة، فكان هذا الشرف الثابت في صورة الإجماع ثابتًا بالنسبة إلى فاطمة رضى الله عنها الثابتة النسبة إليها بالنسبة إلى الأب فحينئذ لا يلزم ثبوته في المقيس؛ لأنه إنما يتصور ثبوته فيه بالنسبة إلى فاطمة رضى الله عنها بالنسبة إلى الأم لا إلى الأب، وهذه النسبة الثابتة في المقيس أضعف من النسبة الثابتة في الأصل؛ لأنها فيه بالنسبة إلى الأم، وهي فاطمة رضى الله عنها، وبالنسبة إلى الأب، وهو أبو الولد المتكلم في شرفه الثابت نسب أبيه إلى الحسن أو الحسين رضى الله عنهما بالنسبة إلى الأب، وهي في المقيس ثابتة بالنسبة إلى الأم، وهي فاطمة رضى الله عنها وبالنسبة إلى الأم أيضًا، وهي أم الولد المتكلم في