بجعل الثمن في أخرى لا يقضي عليهم بيعها إن امتنعوا؛ لأنهم إذا باعوها باختيارهم في موضع لا يحكم عليهم به لو امتنعوا منه كان الحكم عليهم بصرف الثمن في دار تكون حبساً واجباُ لما في ذلك من حق غيرهم إن كان الحبس معقباً، وكذا إن كان عليهم بأعيانهم على القول برجوعها بعدهم لأقرب الناس بالمحبس، ولأبي زيد في الثمانية يقضي عليهم ببيعها لتوسيع المسجد، فقوله بالقضاء عليهم يجعل الثمن في دار مكانها ليس على أصله فلعله إنما قال: يقضي عليهم بذلك ما عدى المسجد الجامع.
قلت: في قوله نظر؛ لأن المناسبة الناشئة عن اعتبار المصالح تقتضى عكس ما قاله؛ لأنهم إذا لم يجبروا على جعل الثمن في حبس آخر كان جبرهم على بيعه تحصيلاً لمصلحة التوسعة مع مفسدة إبطال حبس، وإذا جبروا على جعله في حبس، فإن قيل: جبرهم على البيع مع جبرهم على جعله في حبس فيه شدة ضرر وجبرهم على البيع مع عدم جبرهم على جعله في حبس أخف ضرراً وارتكاب أخف الضررين راجح أو واجب.
قلت: إبطال الحبس راجع لحق الله تعالى، وضررهم راجع لحق آدمي، وحق الله آكد.
ابن عات: عن أبي زيد: قال عبد الملك: يجبر أهل الدور المحبسة على بيعها لتوسيع جامع الخطبة والمنبر، وكذا الطريق إليها لا للمساجد التي لا يجمع فيها والطرق التي في القبائل لا يلزم أحد أن يبيع لها صدقة، ولا يوسع بها طريقاً لهم.
قال مطرف: إن كان نهر بجنب طريق عظمى للمسلمين يسلكها عامتهم فحفرها حتى قطعها جبراً هل تلك الأرض التي حولها على بيع ما يوسع به الطريق، فإن لم ينظر السلطان فيها لم تسلك تلك الأرض إلا بإذن أربابها.
ابن سهل: قال ابن الماجشون في مقبرة ضاقت عن الدفن بجانبها مسجد ضاق بأهله لا بأس أن يوسع المسجد ببعصها؛ لأن المقبرة والمسجد حبس للمسلمين ول أصبغ عن ابن القاسم في مقبرة عفف ليس فيها كبير نفع أتباع ويشتري بثمنها خشباً يرم بها المسجد.