للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقول مالك في هذا السماع: أن ذلك جائز له إن كان أمره على وجه الإنفاذ، وأشهد من يرى أنهم يبلغونه ذلك شذوذ؛ لأنه يقتضي أن هبة المال لا تفتقر لقبول، وتجب بنفس الهبة حتى لو مات الموهوب له قبل علمه ورثت عنه ولم يكن لوارثه ردها إلا على وجه الهبة إن قبل ذلك الواهب، وهو بعيد إنما يصح ذلك في الحرية إذا قال لعبده: وهبت لك نفسك؛ فهو حر، وإن لم يقبل قاله في العتق منها.

ولو لم يعلم الموهوب له بالهبة حتى مات الواهب؛ بطلت الهبة اتفاقًا؛ لافتقارها للحوز إلا على هذا السماع الشاذ.

ومن وهب شيئًا لغائب، وجعله له على يدس من يحوزه له؛ صح.

ولو لم يعلم حتى مات الواهب بخلاف ما إذا كان الموهوب بيد الموهوب له الغائب؛ لأنه إذا كان بيده بإذن الواهب، فكأنه في يد الواهب حتى يعلم بالهبة، فيكون يعلمه بها جائزًا لنفسه.

واختلف في الوصية قيل: تجب للموصى له بموت الموصي مع القبول بعد الموت وهو المشهور، وقيل: بموت الموصي دون القبول؛ فعليه إن مات الموصى له بعد موت الموصي قبل علمه، وجبت الوصية لورثته، ولو لم يكن لهم تركها إلا هبة لورثة الموصى.

وسمع عيسى ابن القاسم: من تصدقت عليه امرأته بمهرها، وكان لها به كتاب، ثم سخط فرد عليها الكتاب بعد أيام، فقبلت بشهود، ثم مات؛ لا شيء لها في المهر كصدقة لها لم تقبضها.

ومن وهب وديعة لغير مودعها، ولم يأمره بحوزها له، ففي صحة حوزها له بمجرد كونها بيده، أو بشرط علمه بالصدقة بها، ثالثها: بعلمه ورضاه بالحيازة لابن رشد في رسم العشور من سماع عيسى عن المدونة، وابن القاسم في نوازل سحنون مع سماعه إياه في كتاب الوديعة، والتخريج على رهن فضله الرهن إلا أن يفرق بقوة حوز الرهن، وإنما يصح حوزه على الأولين إن قبل الموهوب له في حياة الواهب.

ولو لم يعلم قبوله حتى مات؛ فلا شيء له، ولا شيء على المودع في ردها لربها قبل قول الموهوب له وعلمه بها إن كان غائبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>