لعياض عن فهم بعضهم قول ابن القاسم فيها قائلًا: إليه نحا اللخمي، وهي بيد ملتقطها كوديعة فيها، ولا يتجر باللقطة في السنة ولا بعدها؛ كالوديعة، وإن ضاعت بيده؛ لم يضمنها، وإن قال ربها: أخذتها لتذهب بها، وقال: ملتقطها؛ بل لأعرفها؛ صدق في سماع ابن القاسم: قال سحنون: قلت له: إن دفع ما التقطع إلى مثله في الأمانة فضاع؛ لم يضمنه، فلم يرد عليه ابن رشد شيئًا، ونقلها اللخمي على أنه دفعها لمن يعرفها مأمونًا لا يقيد كون مثله في الأمانة، وكذا التونسي: وفي إلغائهما المثلية نظر إن كان دفعها اختيارًا.
وظاهر لفظ الباجي: اعتبار المثلية؛ قال: قال ابن القاسم: لو دفعها لغيره ليعرفها وهو مثله في الأمانة؛ لم يضمنها؛ لأن ربها لم يعينه لأمانتها بخلاف الوديعة.
قال ابن كنانة: وكذا لو قال له: اعمل بها ما شئت؛ يريد: وأعلمه أنها لقطة.
قال: وفي قبول قوله: ضاعت دون يمين قولا ابن القاسم والقرينين.
ولأشهب: لو قال ربها: أخذتها لتذهب بها، وقال: لا أعرفها؛ فلا يمين عليه.
قلت: الأظهر كحكم دعوى الغصب ينظر لحال المدعى عليه.
قال ابن الحاجب: وهي أمانة ما لم ينو اختزالها، فيصير كالمغصوب.
قال ابن عبد السلام: إن حدثت هذه النية بعد التقاطه؛ جرى ذلك على تبدل النية مع بقاء اليد.
قلت: يرد بأن القول: بلغوا أثر النية؛ إنما هو مع بقاء اليد، كما كانت لا مع تغير بقائها عما كانت بوصف مناسب؛ لتأثير النية، ويدل الملتقط السابقة عن نية الاغتيال كانت مقرونة بالتعريف، أو الغرم عليه، وهي بعدها مقرونة بنقيض ذلك، فصار ذلك كالفصل، فيجب الضمان اتفاقًا.
وفيها: من التقط عينًا أو حليًا أو عرضًا أو شيئًا من متاع أهل الإسلام؛ فليعرفها سنة.