وذكر المتيطي رواية الماوردي ولم يتعقبها، وزاد: وحكى أبوعبيد من رواية ابن أبي مريم عن مالك: منع شهادته.
قُلتُ: وللمازري مانصه: ذكر عن محمد أنه قال: لاينبغي أن يولى القضاء أعمى ولامحدود في قذف ولا عبد يسعى في قيمته، ولا مكاتب، وقال: ألا ترى أنه لاتجوز شهادة أحد من هؤلاء، فالحكم أعظم من الشهادة.
قُلتُ: نظائر هذا التعليل عدم قبول شهادته، وإن كان المازري ذكر عن الطبري، فظاهر هذا التعليل؛ لأن العبد تجوز شهادته، وكونه واحداً عده.
عياض: من الشروط الثانية وهو الأظهر؛ لأن مانع التعداد إنما هو خوف تناقضها، ولا تتصور إضافة الحكم لهما إلا مع اتفاقهما؛ فيجب حينئذ إمضاؤه لانتفاء علة المنع، ولا معنى لكونه من الشروط الثانية إلا هذا.
ووجه قول ابن رُشْد: أن معنى تعددهما إنما معلل بأنه مظنة لاختلافهما لابعين اختلافهما، والتعليل بالظنة لا يبطل بانتفاء مظنونها في بعض الصورعلى ما ذكر الأصوليون، ومسائل المذهب تدل عللى اختلاف ذلك؛ كمسألة استثناء جلد الشاة المبيعة في السفر إذا كان له قيمة، وغير ذلك من المسائل.
واستدل الباجي على منعه بالإجماع، وبتأديته إلى تعطيل الأحكام لاختلاف المذاهب، وغالباً لا أرى اختلافها.
قال: ولا يعترض على هذا بحكمي الصيد والزوجين؛ لأنهما إن اختلفا؛ تيسر الانتقال عنهما لغيرهما، وهذا في القضاة متعذر.
المارزي: لامانع من تعددهما في نازلة معينة إن دعت لذلك ضرورة، فإن اختلفا؛ نظر السلطان في ذلك، ويستظهر بغيرهما.
وذكر الباجي: أنه ولي في بعض بلاد الأندلس ثلاث قضاة على هذه الصفة، ولم ينكر ذللك فقهاء ذلك البلد.