للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللخمي: روى ابن حبيب: لا أرى خصال القضاء تجتمع اليوم في أحد، فإن اجتمع فيه منها خصلتان؛ رأيت أن يولى العلم والورع.

ابن حبيب: فإن لم يكونا فعقل، وورع بالعقل يسأل، وبالورع يقف إذا طلب العلم وجده، وإن طلب العقل؛ لم يجده.

ابن رشد: يريد بالعقل: العقيل الحصيف، وأما عقل التكليف، فشرط في صحة الولاية، وقال الطرطوشي وزاد: وليس بحسن الزيادة في عقله المفضية إلى الدهاء والمكر، فإن هذا مذموم، وقد عزل عمر رضي الله عنه زياد بن سمية، وقال له: كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك، وكان من الدهاة، وقال ابن الحاجب في الصفات المستحبة: كونه سليمًا من بطانة السوء.

قلت: الذي في المعونة أخص من هذا، وهو أن يستبطن أهل الدين والأمانة، والعدالة والنزاهة، فيستعين بهم، وهذا أخص من كونه سليمًا من بطانة السوء، وأما نفس السلامة من بطانة السوء، فمقتضى قول أصبغ أنها من الشروط الواجبة، قال الشيخ عنه: ينبغي للإمام أن يعزل من قضاته من يخشى عليه الضعف والوهن، وبطانة السوء، وإن أمن عليه الجور، ولما ذكر ابن عبد السلام قول ابن الحاجب الدهاء فقد عزل عمر زيادًا لذلك، قال: أعلم بصحة هذه الحكاية، وما رأيت من ذكر زيادًا من قضاة عمر رضي الله عنه، فقد ولى عمر عمرو بن العاص، وهؤلاء هم دهاة العرب، وكان عمر إذا استضعف عقل رجل قال له: سبحان من خلقك، وخلق عمرو بن العاص.

قلت: إنكاره هذه الحكاية، وقوله: ما رأيت من ذكر زيادًا في قضاة عمر إلى آخره لا يليق بما أعلم من مشاركته في علم السير والأخبار، فإن هذه الحكاية موجودة في غير كتاب واحد، قال أبو عمر في الاستيعاب: زياد بن أبي سفيان، ويقال: زياد بن أمية، وزياد بن سمية، ويقال له قبل الاستلحاق: زياد بن عبيد الثقفي؛ أمه سمية جارية الحارث بن كلدة، واختلف في مولده؛ قيل: عام الفتح، وقيل: عام الهجرة، وقيل: يوم بدر، يكنى أبا المغيرة لا صحبة له ولا رواية، كان داهية، خطيبًا له قدر وجلالة عند

<<  <  ج: ص:  >  >>